responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سراج الملوك نویسنده : الطرطوشي، أبو بكر    جلد : 1  صفحه : 164
قرباناً يرفعك إليه ويتقبلك فانظر ماذا ترى. فتهلل وجه إسحاق واستبشر فقال له والده: والله لقد فجعتك يا بني بأمر ما فجع به والد ولده، وإني لأرى من سرورك بذلك وشكرك لربك أمراً أرجو به العافية والفرج. فقال له: يا أبت لم يكن شيء من الدنيا أحب إلي من البر بك وبأمي وقد حرمنيه ربي فإذا أردت ذبحي فاشدد وثاقي فإني أخاف حين يفارقني عقلي، وأجد ألم الحديد أن يتحرك مني عضو فيؤذيك، وأنا أكره أن أختم بذلك عملي، فإذا فرغت من شأني فأقرئ أمي السلام وقل لها لا تجزعي فقد أكرم الله لك ابنك في حياتك! فلما فرغ من وصيته عمد إبراهيم عليه الصلاة والسلام إليه فعصبه بعمامته ما بين منكبيه إلى الكعبين، ثم كبه لوجهه وكره أن يستقبل وجهه كي لا تدركه له رحمة إذا هو تشحط في دمه، ثم أدخل يده تحت حلقه فلما أراد أن يمرها على حلقه انقلبت السكين، فأوجس إبراهيم في نفسه ثم أعاد ثانية فلما أراد أن يجر السكين انقلبت السكين، {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ*قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ*إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ*وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} (الصافات: 104-107) هذا فداء ابنك قد فداه الله تعالى لك به، فنظر إبراهيم خلفه فإذا بكبش قد لوى قرنه الأيمن على ساق شجرة، فأخذه ووجهه إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى مكة، وكانت قبلته يومئذ فذبحه إبراهيم وقصه إسحاق، فلما فرغا منه قرباه قرباناً فرفعه الله تعالى إليه وتقبله.
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: لما صار يوسف عليه السلام إلى مصر واسترق بعد الحرية جزع جزعاً شديداً، وجعل يبكي الليل والنهار على أبويه وإخوته ووطنه وما ابتلى به من الرق، فأحيى ليلة من الليالي يدعو ربه تعالى، وكان من دعائه أن قال: رب أخرجتني من أحب البلاد إلي وفرقت بيني وبين إخوتي وأبوي ووطني، فاجعل لي في ذلك خيراً وفرجاً ومخرجاً من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب، وحبب إلي البلاد التي أنا فيها وحببها إلى كل من يدخلها وحببني إلى أهلها وحببهم إلي، ولا تمتني حتى تجمع بيني وبين أبوي وإخوتي في يسر منك ونعمة وسرور، تجمع لنا به بين خيري الدنيا والآخرة إنك سميع الدعاء.
فأتى يوسف عليه السلام في نومه فقيل له: إن الله تعالى قد استجاب لك دعاءك وأعطاك مناك، وورثك هذه البلاد وسلطانها، وجمع إليك أبويك وإخوتك وأهل بيتك، فطب نفساً واعلم أن الله تعالى لا يخلف وعده. وبدعاء يوسف عليه السلام صارت مصر محبوبة لكل من دخلها فلا يكاد يخرج منها. قال قتادة: ما سكنها نبي قبله. ولما جمع الله تعالى شمله وتكاملت النعم عليه، اشتاق إلى لقاء ربه فقال: رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت ولي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين.
ولما وجه سليمان بن عبد الملك محمد بن يزيد إلى العراق ليطلق أهل السجون ويقسم الأموال، ضيق على يزيد بن أبي مسلم، فلما ولي يزيد بن عبد الملك الخلافة ولى يزيد بن أبي مسلم إفريقية، وكان محمد بن يزيد والياً عليها، فاستخفى محمد بن يزيد فطلبه يزيد بن أبي مسلم وشدد في طلبه، فأتي به في شهر رمضان عند المغرب، وكان في يد يزيد بن أبي مسلم عنقود عنب، فقال له يزيد حين دنا منه: يا محمد بن يزيد! قال: نعم. قال: أما والله لطالما سألت الله أن يمكنني منك بغير عهد ولا عقد. فقال محمد: وأنا والله طالما سألت الله أن يجيرني منك وأن يعيذني. قال يزيد: فوالله ما أجارك ولا أعاذك، وإن سابقني ملك الموت إلى قبض روحك سبقته، والله لا آكل هذه الحبة حتى أقتلك! فأقام المؤذن الصلاة فوضع يزيد العنقود وتقدم يصلي، وكان أهل إفريقية قد أجمعوا على قتله، فلما ركع ضربه رجل بعمود على رأسه فقتله وقيل لمحمد بن يزيد: اذهب حيث شئت! فسبحان من قتل الأمير وأحيا الأسير سنة الله التي قد دخلت في عباده، طلوع الحياة من شفار

نام کتاب : سراج الملوك نویسنده : الطرطوشي، أبو بكر    جلد : 1  صفحه : 164
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست