نام کتاب : الجنايات في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون نویسنده : الشاذلي، حسن علي جلد : 1 صفحه : 323
وما شابهها لا يتمكن المجني عليه من الاستغاثة، فيكون الجاني محاربا أو كالمحارب..، أيضا احتجوا بقول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في الذي قتل غيلة: "لو تمالأ عليه أهل صنعاء لأقدتهم به"، فقد نسب تنفيذ العقوبة إلى نفسه، لا إلى ولي الدم، وهذا يدل على أنه جعل عقوبتهم الحد لا القصاص.
وبهذا يتبين لنا أن المذهب المالكي ومن وافقه من الفقهاء يفرق في جريمة القتل العمد بين حالتين: حالة القتل التي تتم إثر ضغينة أو ثورة، فيجعل عقوبتها القصاص، وبين حالة القتل أو أخذ المال أو هتك العرض إذا ارتكبت هذه الجناية بحيث لا يمكن معها الغوث؛ بسبب منعة الجاني، أو بسب غش وخداع يجعل المجني عليه لا يتمكن من الغوث، ففي هذه الحالة تكون عقوبة الجريمة الحد لا القصاص، أي أن المذهب جعل هذا الظرف من الظروف المشددة للعقوبة.
ويتضح لنا من الصور التي ذكرها الفقهاء للقتل غيلة أنه قد توافر فيها قصد الجاني قتل النفس، أو هتك العرض، أو أخذ المال، وفي سبيل الوصول إلى جنايته بسهولة ويسر دبر كيفية التنفيذ؛ بحيث لا يتنبه إليه أحد، سواء كان المجني عليه أو غيره، فقدم إليه السم، أو المسكر، أو استدرجه إلى مكان ملائم لتنفيذ الجريمة، كل هذا يدل على أن الجاني مجرم عريق في إجرامه، وأنه قد فكر ودبر قبل الإقدام على جنايته، وأنه يرتكب جنايته وهو هادئ النفس، لم تثره ثائرة، ولم تدفعه إليها أحقاد أو ضغائن يمكن إدراك المجني عليه لها، بدليل أن المجني عليه تناول ما قدمه له من طعام أو شراب مسموم، أو مادة مسكرة، أو سار معه إلى حيث يريد من الأماكن وهو مطمئن إليه تمام الاطمئنان، ولو أن المجني عليه راوده شك في أن هذا الشخص كان يبغي به شرا لما طاوعه في كل ذلك.
فالجاني في هذه الصور يعتبر محاربا مفسدا في الأرض يستحق أن تطبق
نام کتاب : الجنايات في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون نویسنده : الشاذلي، حسن علي جلد : 1 صفحه : 323