نام کتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي نویسنده : عبد القادر عودة جلد : 1 صفحه : 548
ما دام يحسنه، فإن لم يكن يحسنه فله أن يوكل عنه خبيراً بالقصاص. والقائلون بهذا الرأي في مذهب أحمد لا يرون مانعاً من تعيين رجل خبير بالقصاص بأجر من بيت المال تكون مهمته أن يستوفي نيابة عمن لا يحسنون الاستيفاء [1] .
والأصل في تقرير حق القصاص للمجني عليه أو وليه قول الله تعالى: {وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ} [الإسراء: 33] ، والمفروض أن مستحق القصاص ليس له أن يستعمل حقه إلا بعد الحكم بالعقوبة وفي الوقت المحدد للتنفيذ.
وفي الوقت الذي منحت فيه الشريعة ولي الدم حق القصاص فإنها منحته حقاً آخر هو حق العفو عن القصاص، وجعلت له أن يعفو على مال أو مجاناً؛ فإذا عفا امتنع القصاص واكن للسلطات العامة أن تعاقب الجاني بما تراه من عقوبة أخرى دون القتل.
وقد حضت الشريعة ولي الدم على العفو بمختلف الأساليب، فجعلت للعافي أن يعفو على مال يأخذه، ووعدته بالثواب في الآخرة وبرضاء الله جل شأنه، من ذلك قوله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40] ، وقوله: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134] ، واعتبرت الشريعة العفو رحمة من الله للناس، وذلك قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 178] ، ويؤثر عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما روى عنه أنس أنه ما رفع إليه أمر فيه القصاص إلا أمر فيه بالعفو.
وقد يحسب البعض أن تقرير حق القصاص لولي الدم إنما هو إقرار للعادات الأولية التي كانت سائدة في الشعوب الهمجية، ولكنها فكرة خاطئة لا تقوم [1] بدائع الصنائع ج7 ص246، الشرح الكبير ج9 ص398، 399.
نام کتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي نویسنده : عبد القادر عودة جلد : 1 صفحه : 548