نام کتاب : الأحكام السلطانية نویسنده : الماوردي جلد : 1 صفحه : 249
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- إلَى جَوَازِ بَيْعِهَا وَإِجَارَتِهَا؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقَرَّهُمْ عَلَيْهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ بَعْدَمَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَهُ، وَلَمْ يَغْنَمْهَا وَلَمْ يُعَارِضْهُمْ فِيهَا، وَقَدْ كَانُوا يَتَبَايَعُونَهَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَكَذَلِكَ بَعْدَهُ، هَذِهِ دَارُ النَّدْوَةِ، وَهِيَ أَوَّلُ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَكَّةَ صَارَتْ بَعْدَ قُصَيٍّ لِعَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ، وَابْتَاعَهَا مُعَاوِيَةُ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ، وَجَعَلَهَا دَارَ الْإِمَارَةِ، وَكَانَتْ مِنْ أَشْهَرِ دَارٍ اُبْتِيعَتْ ذِكْرًا وَأَنْشَرَهَا فِي النَّاسِ خَبَرًا، فَمَا أَنْكَرَ بَيْعَهَا أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَابْتَاعَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- مَا زَادَاهُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ دُورِ مَكَّةَ، وَتَمَلَّكَ أَهْلَهَا أَثْمَانَهَا، وَلَا حَرَّمَ ذَلِكَ لِمَا بَذَلَاهُ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ جَرَى بِهِ الْعَمَلُ إلَى وَقْتِنَا هَذَا، فَكَانَ إجْمَاعًا مَتْبُوعًا.
وَتُحْمَلُ رِوَايَةُ مُجَاهِدٍ -مَعَ إرْسَالِهَا- عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ بَيْعُ رِبَاعِهَا عَلَى أَهْلِهَا، تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهَا لَمْ تُغْنَمْ، فَتُمْلَكَ عَلَيْهِمْ فَلِذَلِكَ لَمْ تُبَعْ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْإِجَارَةِ.
فصل:
أَمَّا الْحَرَمُ فَهُوَ مَا أَطَافَ بِمَكَّةَ مِنْ جَوَانِبِهَا، وَحَدُّهُ مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ دُونَ التَّنْعِيمِ عِنْدَ بُيُوتِ بَنِي نِفَارٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، وَمِنْ طَرِيقِ الْعِرَاقِ عَلَى ثَنِيَّةِ جَبَلٍ بِالْمُنْقَطِعِ عَلَى سَبْعَةِ أَمْيَالٍ، وَمِنْ طَرِيقِ الْجِعْرَانَةِ بِشُعَبِ آلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ عَلَى تِسْعَةِ أَمْيَالٍ، وَمِنْ طَرِيقِ الطَّائِفِ عَلَى عَرَفَةَ مِنْ بَطْنِ نَمِرَةَ عَلَى سَبْعَةِ أَمْيَالٍ، وَمِنْ طَرِيقِ جُدَّةَ مُنْقَطِعُ الْعَشَائِرِ عَلَى عَشَرَةِ أَمْيَالٍ، فَهَذَا
= عن أبي حنيفة، وكذلك أخرجه الدارقطني لكنَّه في كتاب الآثار قال: عن أبي حنيفة عن عبيد الله بن أبي زياد على الصواب، وقد رفعه أيمن ابن أم نابل عن عبيد الله بن أبي زياد أيضًا، فلم ينفرد أبو حنيفة برفعه، أخرجه الدارقطني أيضًا في أواخر الحج، وله طريق أخرى أخرجها الدارقطني والحاكم من رواية إسماعيل بن مهاجر عن أبيه عن عبد الله بن باباه عن عبد الله بن عمر رفعه: مكة مناخ لا تباع رباعها ولا تؤاجر بيوتها. قال البخاري: منكر الحديث، وفي ترجمته أخرجه ابن عدي والعقيلي في الضعفاء.
وفي الباب من مرسل مجاهد: مكة حرام حرمها الله تعالى، لا يحل بيع رباعها ولا إجارة بيوتها.
أخرجه ابن أبي شيبة، وعن معمر عن ليث عن مجاهد وعطاء وطاوس قالوا: كانوا يكرهون بيع شيء من رباع مكة. وروى عبد الرزاق عن ابن جريج: كان عطاء ينهى في الحرم ويقول: إن عمر كان ينهى أن تبوَّب دور مكة لئلَّا ينزل الحاج في عرصاتها، فكان أول من بوَّب داره سهيل بن عمرو فلامه عمر فقال: إني رجل تاجر، فأردت أن أتخذ بابًا يحبس ظهري، قال: فلا إذًا. ومن طريق مجاهد أن عمر قال: يا أهل مكة لا تتخذوا لدوركم أبوابًا لينزل البادي حيث شاء، وعن معمر أخبرني بعض أهل مكة: لقد استخلف معاوية وما لدار مكة باب. [الدراية في تخريج أحاديث الهداية: 2/ 236] .
نام کتاب : الأحكام السلطانية نویسنده : الماوردي جلد : 1 صفحه : 249