responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأحكام السلطانية نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 246
وَحَصَرَهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَنَصَبَ عَلَيْهِ الْمَنْجَانِيقَاتِ إلَى أَنْ ظَفِرَ بِهِ، وَقَدْ تَصَدَّعَ بِنَاءُ الْكَعْبَةِ بِأَحْجَارِ الْمَنْجَنِيقِ فَهَدَمَهَا الْحَجَّاجُ، وَبَنَاهَا بِأَمْرِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَأَخْرَجَ الْحَجَرَ مِنْهَا، وَأَعَادَهَا إلَى بِنَاءِ قُرَيْشٍ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ، فَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ يَقُولُ: وَدِدْت أَنِّي كُنْتُ حَمَلْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ مِنْ أَمْرِ الْكَعْبَةِ وَبِنَائِهَا مَا تَحَمَّلَهُ.
وَأَمَّا كِسْوَةُ الْكَعْبَةِ: فَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ أَوَّلَ مَنْ كَسَا الْبَيْتَ سَعْدُ الْيَمَانِيُّ"[1]، ثُمَّ كَسَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الثِّيَابَ الْيَمَانِيَّةَ، ثُمَّ كَسَاهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهمَا- الْقَبَاطِيَّ، ثُمَّ كَسَاهَا يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الدِّيبَاجَ الْخُسْرَوَانِيَّ.
وَحَكَى مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ كَسَا الْكَعْبَةَ الدِّيبَاجَ خَالِدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ، أَصَابَ لَطِيمَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَفِيهَا نَمَطُ دِيبَاجٍ فَنَاطَهُ بِالْكَعْبَةِ، ثُمَّ كَسَاهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ وَالْحَجَّاجُ الدِّيبَاجَ، ثُمَّ كَسَاهَا بَنُو أُمَيَّةَ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِمْ الْحُلَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَى أَهْلِ نَجْرَانَ فِي حَرْبِهِمْ، وَفَوْقَهَا الدِّيبَاجُ، ثُمَّ جَدَّدَ الْمُتَوَكِّلُ رُخَامَ الْكَعْبَةِ وَأَزَرَهَا بِفِضَّةٍ، وَأَلْبَسَ سَائِرَ حِيطَانِهَا وَسَقْفِهَا بِذَهَبٍ، ثُمَّ كَسَا أَسَاطِينَهَا الدِّيبَاجَ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ كِسْوَتُهَا فِي الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ بِأَسْرِهَا.
وَأَمَّا الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ فَقَدْ كَانَ فِنَاءً حَوْلَ الْكَعْبَةِ لِلطَّائِفِينَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- جِدَارٌ يُحِيطُ بِهِ، فَلَمَّا اُسْتُخْلِفَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَثُرَ النَّاسُ وَسَّعَ الْمَسْجِدَ، وَاشْتَرَى دُورًا هَدَمَهَا وَزَادَهَا فِيهِ، وَهَدَمَ عَلَى قَوْمٍ مِنْ جِيرَانِ الْمَسْجِدِ أَبَوْا أَنْ يَبِيعُوا، وَوَضَعَ لَهُمْ الْأَثْمَانَ حَتَّى أَخَذُوهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَاِتَّخَذَ لِلْمَسْجِدِ جِدَارًا قَصِيرًا دُونَ الْقَامَةِ، وَكَانَتِ الْمَصَابِيحُ تُوضَعُ عَلَيْهِ. وَكَانَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَوَّلَ مَنِ اتَّخَذَ جِدَارًا لِلْمَسْجِدِ، فَلَمَّا اسْتَخْلَفَ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- ابْتَاعَ مَنَازِلَ فَوَسَّعَ بِهَا الْمَسْجِدَ، وَأَخَذَ مَنَازِلَ أَقْوَامٍ وَوَضَعَ لَهُمْ أَثْمَانَهَا فَضَجُّوا مِنْهُ عِنْدَ الْبَيْتِ، فَقَالَ: إنَّمَا جَرَّأَكُمْ عَلَيَّ حِلْمِي عَنْكُمْ، فَقَدْ فَعَلَ بِكُمْ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- هَذَا فَأَقْرَرْتُمْ وَرَضِيتُمْ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ إلَى الْحَبْسِ حَتَّى كَلَّمَهُ فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدِ بْنِ أَسَدٍ فَخَلَّى سَبِيلَهُمْ، وَبَنَى لِلْمَسْجِدِ الْأَرْوِقَةَ حِينَ وَسَّعَهُ؛ فَكَانَ عُثْمَانُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَوَّلَ مَنِ اتَّخَذَ لِلْمَسْجِدِ الْأَرْوِقَة، ثُمَّ إنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَسَّعَ الْمَسْجِدَ وَحَمَلَ إلَيْهِ أَعْمِدَةَ الْحِجَارَةِ وَالرُّخَامِ، ثُمَّ إنَّ الْمَنْصُورَ -رَحِمَهُ اللَّهُ- زَادَ فِي الْمَسْجِدِ وَبَنَاهُ، وَزَادَ فِيهِ الْمَهْدِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- بَعْدَهُ، وَعَلَيْهِ اسْتَقَرَّ بِنَاؤُهُ إلَى وَقْتِنَا هَذَا.

[1] لم أقف عليه.
نام کتاب : الأحكام السلطانية نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 246
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست