وكذلك قال في رواية حنبل: في الدراهم المحمول عليها، فقال " كل ما وقع عليه اسم الغش فالشراء به والبيع حرام". وقال في رواية مهنا " إذا جاء بالدينار إلى رجل يبصر الدينار فاشتراه على أنه رديء لا بأس ". وَيُمْنَعُ مِنْ تَصْرِيَةِ الْمَوَاشِي وَتَحْفِيلِ ضُرُوعِهَا عِنْدَ الْبَيْعِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، فَإِنَّهُ نَوْعٌ مِنْ التَّدْلِيسِ. ومما يتأكد على المحتسب: الْمَنْعَ مِنْ التَّطْفِيفِ وَالْبَخْسِ فِي الْمَكَايِيلِ وَالْمَوَازِينِ والصنجات وليكن الأدب عليه أظهر وأكثر. وَيَجُوزُ لَهُ إذَا اسْتَرَابَ بِمَوَازِينِ السُّوقَةِ وَمَكَايِيلِهِمْ أَنْ يَخْتَبِرَهَا وَيُعَايِرَهَا. وَلَوْ كَانَ لَهُ عَلَى ما يراه منها طابع معروف بين العامةلا يَتَعَامَلُونَ إلَّا بِهِ، كَانَ أَحْوَطَ وَأَسْلَمَ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَتَعَامَلَ قَوْمٌ بِغَيْرِ مَا طُبِعَ بِطَابِعِهِ تَوَجَّهَ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِمْ، إنْ كَانَ مَبْخُوسًا من وجهين: أحدهما: مخالفته فِي الْعُدُولِ عَنْ مَطْبُوعِهِ، وَإِنْكَارُهُ مِنْ الْحُقُوقِ السلطانية. والثاني: البخس والتطفيف في الحقوق، وإنكاره من الحقوق الشرعية. وإن كَانَ مَا تَعَامَلُوا بِهِ مِنْ غَيْرِ الْمَطْبُوعِ سليما من بخس ونقص توجه الإنكار بحق السلطنة وحدها لأجل المخالفة. وقد قال أحمد في رواية جعفر بن محمد: في ضرب الدراهم قال: " لا تصلح إلا في دار الضرب بإذن السلطان".
وَإِنْ زَوَّرَ قَوْمٌ عَلَى طَابِعِهِ كَانَ الْمُزَوِّرُ فيه كالبهرج عَلَى طَابِعِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، فَإِنْ قُرِنَ التَّزْوِيرُ بغش كان الإنكار وَالتَّأْدِيبُ مُسْتَحَقًّا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: فِي حَقِّ السَّلْطَنَةِ مِنْ جِهَةِ التَّزْوِيرِ. وَالثَّانِي: مِنْ جِهَةِ الشرع في الغش، وهو أغلظ المنكرين. وَإِنْ سَلِمَ التَّزْوِيرُ مِنْ غِشٍّ تَفَرَّدَ بِالْإِنْكَارِ السلطاني منهما. وإذا اتسع البلد حتى احتاج أهله إلى كيالين، ووزانين ونقاد، تَخَيَّرَهُمْ الْمُحْتَسِبُ، وَمَنَعَ أَنْ يُنْتَدَبَ لِذَلِكَ إلَّا مَنْ ارْتَضَاهُ مِنْ الْأُمَنَاءِ الثِّقَاتِ، وَكَانَتْ أُجُورُهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ اتَّسَعَ لَهَا، فَإِنْ ضاق عنها قدرها لهم حتى لا يجرى فيها استزاده أو نُقْصَانٌ، فَيَكُونَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى الْمُمَايَلَةِ وَالتَّحَيُّفِ في مكيل أو موزون. فَإِنْ ظَهَرَ مِنْ أَحَدِ هَؤُلَاءِ الْمُخْتَارِينَ لِلْكَيْلِ وَالْوَزْنِ تَحَيُّفٌ فِي تَطْفِيفٍ أَوْ مُمَايَلَةٌ فِي زيادة أدب وأخرج من جُمْلَةِ الْمُخْتَارِينَ، وَمُنِعَ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِلْوَسَاطَةِ بَيْنَ النَّاسِ. وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي اخْتِيَارِ الدَّلَّالِينَ يُقِرُّ مِنْهُمْ الْأُمَنَاءَ وَيَمْنَعُ الْخَوَنَةَ وَهَذَا مِمَّا يَتَوَلَّاهُ ولاة الحسبة