شَارِعِهَا الْأَعْظَمِ - وَهُوَ مِرْبَدُهَا - سِتِّينَ ذِرَاعًا، وَجَعَلُوا عَرْضَ مَا سِوَاهُ مِنْ الشَّوَارِعِ عِشْرِينَ ذِرَاعًا، وَجَعَلُوا عَرْضَ كُلِّ زُقَاقٍ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ، وَجَعَلُوا وسط كل خطة رحبة فسيحة لمربط خَيْلِهِمْ وَقُبُورِ مَوْتَاهُمْ، وَتَلَاصَقُوا فِي الْمَنَازِلِ، وَلَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ إلَّا عَنْ رَأْيٍ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ أو نص لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ. وَقَدْ رَوَى بَشِيرُ بْنُ كَعْبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " إذَا تَدَارَأَ القوم في طريق فلنجعل سبعة أذرع". وروى أبو حفص العكبري بإسناده عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا اختلفتم في الطريق فاجعلوها سبعة أذرع". وفي لفظ آخر" إن اختصمتم في سكة فاجعلوها سبعة أذرع ثم ابنوا". وبإسناده عن عبادة بن الصامت قال: " إن من قضاء رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قضى في الرحبة تكون بين الناس ثم يريد أهلها البناء فيها قضى أن يترك الطريق منها سبعة أذرع، قال: وكانت تلك الطريق تسمى الميتاء". قال أحمد في رواية المروزي وقد سئل عن حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - " إذا اختلف في الطريق جعل سبعة أذرع" فقال " هذا قبل أن تقع الحدود، فإذا وقعت لم يحرك منها شيء". وقال في رواية ابن القاسم " إذا كان الطريق واسعا كبيرا مثل هذه الشوارع؟ قال " نعم وهو أشد ممن أخذ حدا بينه وبين شريكه، لأن هذا يأخذ من واحد، وهذا لجماعة المسلمين ". وقال أبو عبد الله بن بطة " إنما قال ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأرباب الأموال المشتركة إذا احتاجوا إلى قسمتها واختلفوا في مبلغ حاجاتهم، ومقدار مسالكهم، فقال " اجعلوها سبع أذرع" وذلك كله قبل إخراج الطريق، فأما إذا طرقت الطرق وعرفت المعالم فقد حرم الله على واضع أن يضع فيها شيئا إلا باتفاق الأئمة".
فأما الْمِيَاهُ الْمُسْتَخْرَجَةُ فَتَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: مِيَاهُ أَنْهَارٍ، وَمِيَاهُ آبَارٍ، وَمِيَاهُ عُيُونٍ فَأَمَّا الْأَنْهَارُ فَتَنْقَسِمُ ثلاثة أقسام: