وهذا محمول على أنه دس المقطوعة مع الثقال فيكون تدليسا، فيكون أبان مصيبا في هذا القدر من التعزير، ولأن هذا إدخال النقص على المال فهو سفه إذا كان لغير حاجة، وقد تكلم قوم على الخبر في النهي عن كسرها، فَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ - قَاضِي البصرة - يحمله على النهي عن كسره لتعود تبرا لتكون على حالها مرصدة للنفقة، وحمل آخرون النهي على كسرها لتتخذ منها أواني وزخزف.
وحمل آخرون النهي على من أخذ أطرافها قرضا بالمقاريض؛ لأن كَانُوا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ يَتَعَامَلُونَ بِهَا عَدَدًا، فصار أخذ أطرافها بخسا وتطفيفا. فأما الْكَيْلُ فَإِنْ كَانَ مُقَاسَمَةً، فَبِأَيِّ قَفِيزٍ كِيلَ تعدلت فيه القسمة. وقد اختلف كلام الإمام أحمد في المقاسمة. فقال في رواية العباس بن محمد بن موسى الخلال: فيمن كانت في يده أرض من أرض السواد: هل يأكل مما أخرجت من زرع أو تمر، إذا كان الإمام يأخذهم بالخراج مساحة أو صيرها في أيديهم مقاسمة على النصف أو الربع؟ فقال: " يأكل، إلا أن يخاف السلطان. وظاهر هذا: أنه قد أجاز المقاسمة في الخراج. وقال في رواية الحمال " السواد كله أرض خراج". وذكر المقاسمة فقال " المقاسمة لم تكن، إنما هو شيء أحدث". وظاهر هذا أنه لم ير ذلك، إلا أنه لم يصرح بالمنع، لكه أخبر أنه لم يكن في وقت عمر. وإن كان خراجا مقدرا بالقفيز الذي كان في وقت عمر، فَقَدْ حَكَى الْقَاسِمُ: أَنَّ الْقَفِيزَ الَّذِي وَضَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ عَلَى أَرْضِ السَّوَادِ فَأَمْضَاهُ عمر بن الخطاب كان مكيلا لهم يعرف بالشابرقان، قيل وزنه ثمانية أرطال. وقد أومأ أحمد إلى هذا في رواية بكر بن محمد عن أبيه - وقد سأل عن القفيز - فقال: ينبغي أن يكون قفيزا صغيرا " وقال: " قفيز الحجاج صاع عمر ينبغي أن يكون ثمانية أرطال".