فقد أطلق القول في رواية جعفر بن محمد والمروزي وحرب بالمنع. وصرح به في رواية أبي داود وبكر بالمنع مع الحاجة، وهو الصدقة والصياغة. وقد صرح في رواية أبي طالب أنها كراهة تنزيه. فقال: سألت أحمد عن الدراهم تقطع، فقال " لا نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كسر سكة المسلمين " قيل له: فمن كسره عليه شيء؟ قال " لا، ولكن قد فعل ما نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - ". وقوله " لا شيء عليه " معناه: لا مأثم عليه.
والوجه في كراهة ذلك قوله تَعَالَى (11: 87 أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نشاء) روي عن محمد بن كعب القرظي قال " عذب قوم شعيب في قطعهم الدراهم. فقالوا: يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ؟ " وقال زيد بن أسلم " أو أ، نفعل في أموالنا نا نشاء. قال: كان مما نهاهم الله عنه حذف الدراهم، أو قطع الدراهم". وما روي المروزي بإسناده عن علقمة بن عبد الله عَنْ أَبِيهِ " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - نهى عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس ". قال أحمد في رواية المروزي، وحرب " البأس إذا كانت رديئة". واحتج بأن ابن مسعود كان يكسر الزيوف وهو على بيت المال. وَالسِّكَّةُ: هِيَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي يُطْبَعُ عَلَيْهَا الدَّرَاهِمُ، فلذلك سميت الدراهم المضروبة سكة، وقد كان ينكره ولاة بني أمية حتى أسرفوا. فَحُكِيَ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ أَخَذَ رَجُلًا قَطَعَ دِرْهَمًا مِنْ دَرَاهِمِ فَارِسٍ فَقَطَعَ يَدَهُ. وقال أحمد، في رواية أبي طالب " إنما كانت دراهمهم المثاقيل، هذه الدراهم البغلية الكبار، وكان يقطع الرجل من حوله وينفقه بالوافي فلذلك قطعه". وروى ابن منصور أنه قال لأحمد: إن ابن الزبير قدم مكة فوجد بها رجلا يقرض الدراهم، فقطع يده، فقال " كانت الدراهم تؤخذ برؤوسها بغير وزن فعده سارقا، وقال: هذا إفراط في التعزير". وَحَكَى الْوَاقِدِيُّ " أَنَّ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ كَانَ على المدينة فعاقب من قطع الدراهم ثلاثين سوطا".