وانعقد إجماع الأمة من لدن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في كل العصور على ذلك حتى عصرنا الحاضر مستندين إلى الأدلة الشرعية التي دلت على ذلك كما أجمعت الأمة على أنه إذا امتنع الزوج من الإنفاق على زوجته التي مكنته من نفسها بدون مبرر شرعي كان ظالما وألزمه القاضي بأدائها.
الحكمة من مشروعيتها:
أجب الشرع على الزوج لزوجته النفقة لحكم سامية من أهمها:
1- أن الزوجة بتمكينها للزوج من نفسها أصبحت محبوسة في بيت الزوجية لحقه وهذا الاحتباس استوجب حقا لها في الإنفاق والكسوة والسكنى.
2- أن الزوجة بالتمكين من نفسها تكون قد فرغت نفسها للحياة الزوجية من حفظ النسل والقيام على تربية الأولاد ورعاية شئون البيت، وخصصت نفسها لمنفعة زوجها، وهي بذلك لا تتمكن من الخروج للاكتساب والسعي على الرزق، فوجب لها نظير ذلك حق النفقة، عملا بالقاعدة العامة "كل من حبس نفسه لحق غيره ومنفعته فنفقته على من احتبس لأجله".
3- اقتضت حكمة المولى -عز وجل- أن يودع في الرجل القدرة على العمل والتكسب والتفوق في التدبير وحسن الأداء وجعل له القوامة والزعامة على الأسرة لذا كان واجبا عليه أن يكفي زوجته النفقة هي وأولادها وجعل الشرع نفقتها بابا من أبواب التقرب إلى الله، ومصدقا لقوله -صلى الله عليه وسلم: "دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك".
فالرجل يكد ويتعب في سبيل الحصول على نفقة زوجته وعياله والزوجة ألقي على عاتقها رعاية البيت والسهر على تربية أبنائها.
وهذا أساس سليم تستقيم به الأسر وتنشأ في ظلها الأبناء.