هذا وإذا كان نكاح زوجة الأصل يفضي إلى قطع الرحم؛ لأنه إذا فارقها أصله، فقد يندم ويريد أن يعيدها فإذا تزوجها ابنه أو حفيده فقد قطع السبيل دون إرادته وأوحشه بذلك، وأن الفطرة السليمة تجافي ذلك النكاح الذي سماه الشارع مقتا وفاحشة.
وتدل الآية الكريمة على أن زوجة الأصل محرمة دخل بها الأصل أم لم يدخل؛ لأن النكاح المراد به العقد، فالعقد وحده سبب للتحريم سواء أكان معه دخول أم لم يكن.
ويستدل على تحريم الطائفة الثانية وهي زوجة الفروع بقول الله تعالى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} عطفا على قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} .
وقد قيد الله -عز وجل- الأبناء بكونهم من الأصلاب لكي يعرف الأبناء بذلك الوصف، فيفيد النص أن الأبناء هم الذين من الصلب لا الذين يتبنون، وبهذا يتبين أن المحرم هن زوجات الأبناء لا زوجات المتبنين؛ لأنهم ليسوا أبناء.
هذا وقد ثبت تحريم زوجة الابن بالنص وثبت تحريم زوجة غير الابن كزوجة ابن الابن وابن البنت بالقياس المساوي الجلي؛ لأن سبب التحريم هو الجزئية، وكل فروع الشخص أجزاء منه أو يراد من الأبناء كل من اتصل به بصلة الولادة؛ لأن أولئك أبناء مجازا له.
وزوجة الفرع محرمة سواء حصل دخول بها أو لم يحصل.
والحكمة في تحريمها: هي المحافظة على العلائق بين أفراد الأسرة ومنع كل ما يؤدي إلى القطيعة بينهم؛ إذ لو أبيح للرجل أن يتزوج زوجة ابنه بعد أن يطلقها؛ لأدى ذلك إلى الضغينة بينهما؛ لأن الابن ربما يريد معاودة الحياة مع مطلقته فإذا رأى أباه قد تزوجها، أضغنه ذلك وأوحشه.
وإن زوجة الابن كبنت الرجل وكثيرا ما تناديه بنداء البنت لأبيها، فكيف يحل له زواجها وأن هذا ضد الفطرة السليمة.