وفي الوجه الثاني تستحق أجرة على إراضع ولدها لأن الرضاع عمل يجوز أخذ الأجرة عليه بعد البينونة فجاز أخذ الأجرة عليه قبل البينونة، كما أن استئجار الأم على إرضاع ولدها عقد إجارة يجوز مع غير الزوج فكذلك يجوز معه وهو الأصح.
مانع المصاهرة:
يقال في اللغة صاهر الرجل جماعة أي تزوج منهم فالتحريم بسبب المصاهرة معناه تحريم بسبب الزواج. واللاتي يحرمن بسبب المصاهرة أربع شعب:
الأولى: من كانت زوجة أصلة وإن علا ذلك الأصل سواء كان من العصبات كأبي الأب أو كان من الأرحام كأبي الأم وسواء دخل بها الأصل أم لم يدخل.
الثانية: من كانت زوجة فرعه سواء كان من العصبات كابن الابن أو من ذوي الأرحام كابن البنت وسواء دخل بها أم لم يدخل.
الثالثة: أصول من كانت زوجته سواء دخل بزوجته أم لم يدخل.
الرابعة: فورع من كانت زوجته وإن نزلن، ولكن بشرط الدخول بزوجته.
ويستدل على تحريم الطائفة الأولى بقول الله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} [1].
وقد دلت هذه الآية بنصها على تحريم زواج من كانت زوجة للأب وبما اشتملت عليه من تعليل للتحريم تدل على تحريم أزواج الأجداد وإن علوا لأن وصف المقت والفاحشة يتحقق في التزوج ممن كان زوجات الأجداد وإن علوا، كما يتحقق من زوجة الأب، ويصح أن يفهم تحريم زوجات الأصول جميعا من النص على تحريم زوجات الأباء يراد بها الأصول إذ لفظ الأب قد يراد به الأصل مجازا فيشمل الأب الحقيقي والجد وإن علا، وقد انعقد الإجماع على تحريم زوجات الأجداد فكان ذلك التحريم ثابت بالإجماع. [1] من الآية 23 من سورة النساء.