ضمان عليه؛ لأنها في يده فأشبهت الوديعة، فإن التقطها آخر فعرف أنها ضاعت من الأول، فعليه ردها إليه؛ لأنه قد ثبت له حق التملك، وولاية التعريف والحفظ، فلا يزول ذلك بالضياع، فإن لم يعلم الثاني بالحل حتى عرفها حولا ملكها؛ لأن سبب الملك وجد منه من غير عدوان.
فثبت الملك به كالأول، ولا يملك الأول انتزاعها؛ لأن الملك مقدم على حق التملك، وإذا جاء صاحبها فله أخذها من الثاني، وليس له مطالبة الأول؛ لأنه لم يفرط.
وإن علم الثاني بالأول فردها إليه، فأبى أن يأخذها بل قال: عرفها أنت فعرفها مكلها أيضا؛ لأن الأول ترك حقه فسقط، وإن قال: عرفها وتكون بيننا ففعل صح أيضا، وكانت بينهما؛ لأنه أسقط حقه من نصفها ووكله في الباقي، وإن قصد الثاني بالتعريف تملكها لنفسه دون الأول احتمل أن يملكها؛ لأن سبب الملك وجد منه، فملكها كما لو أذن له الأول في تعريفها لنفسه، واحتمل أن لا يملكها؛ لأن ولاية التعريف للأول أشبه ما لو غصبها من الملتقط غاصب فعرفها، وكذلك الحكم إذا علم الثاني بالأول، فعرفها ولم يعلمه بها، ويشبه هذا المحتجر في الموات إذا سبق غيره إلى ما حجره، فأحياه بغير إذنه فأما إذا غصبها غاصب من الملتقط، فعرفها لم يمكلها وجها واحدا؛ لأنه معتد بأخذها ولم يوجد منه سبب تملكها، فإن الالتقاط من جملة السبب، ولم يوجد منه، ويفارق هذا ما إذا التقطها ثان، فإنه وجد منه الالتقاط والتعريف.
الفرع الثالث: إذا أخذ الملتقط اللقطة بقصد الخيانة فيها صار ضامنا، فلو عرف اللقطة بعد ذلك، وأراد التملك بعده لم يكن له ذلك على المذهب،