نام کتاب : رسائل ابن حزم نویسنده : ابن حزم جلد : 3 صفحه : 112
لمن أراد الله به خيراً.
32 - ثم قالوا: " وقلت: عن الذي يأبى أن يصليها وهو يقر ان صلاتها فرض عليه لا قتل عليه، [قالوا] وقد قال الله على يتوب: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم} (التوبة: 5) .
فالجواب - وبالله تعالى التوفيق - إننا هكذا نقول، لأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال من رواية ابن مسعود وعائشة وعثمان رضي الله عنهم [1] : " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زناً بعد إحصان، أو نفس بنفس " ولا يحل قتل مسلم بغير هذه الثلاث إلا أن يأتي نص بقتله في قتله بصفته، فيضاف إلى هذا الحكم. ولم يأت نص بقتل تارك الصلاة حتى يخرج وقتها وهو يقر بفرضها، والعجب كل العجب من قولهم بقتل الممتنع من الصلاة إذا خرج وقتها وهي عندهم تجزئة متى صلاها أبداً. فلم خصوا خروج الوقت بقتله ووقتها باق في قولهم الفاسد أبداً فهل في التخليط أكثر من هذا وأما الآية التي ذكروا فلا حجة فيها، لان الله تعالى يقول فيها: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم} (التوبة: 5) فإنما أمر الله تعالى بقتل المشركين لا بقتل المسلمين، فمن أسلم فليس مشركاً، وإذ ليس مشركاً فقد حرم قتله. فإن أبوا التعلق بظاهر قوله تعالى: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم} ، قيل لهم: ليس مراد الله تعالى ما ظننتم. برهان ذلك إجماع الأمة كلها، أولها عن آخرها وأنتم في الجملة، على أن امرءاً لو أسلم [193ب] مع طلوع الشمس فأنه يخلى سبيله ولا يثقف حتى يأتي الظهر ولا حتى يحول الحول على ماله فيزكي عليه، هذا ما لم يقله مسلم قط. ولو أسلمت نفساء أو حائض، فلا خلاف من أحد من الأمة كلها أنها يخلى سبيلها ولا يثقف حتى تطهر فتصلي؛ وصح بهذا يقيننا ان مراد الله تعالى بقوله: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم} ، إنما هو الإقرار بان الصلاة فرض، ولو كان ما ظنوه لوجب ألا نخلي سبيل من أسلم حتى يأتي وقت الصلاة فيصلي وحتى يحول عليه الحول كاملاً (2) [1] أورده البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه، وانظر مسند أحمد 1: 40، 55، 61، ومواضع أخرى فيه؛ وبهذا الحديث احتج عثمان رضي الله عنه على من حاصروه.
(2) ص: كامل.
نام کتاب : رسائل ابن حزم نویسنده : ابن حزم جلد : 3 صفحه : 112