للإنسان مِمَّا يرتكبه من معاصي في أوقاته: " أرأيتم لو أنَّ نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمساً، ما تقول ذلك يبقى من درنه؟ ". قالوا: "لا يبقى من درنه شيئاً" قال: "فكذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بها الخطايا" [1].
بل تتعدى الصلاة هذا المعنى لتكون تمهيداً للنفس وإعداداً لها لتتخلَّص من البخل والأنانية، فالصلاة[2] وما فيها من إقرار لله بالربوبية*، وما تشتمل عليه من خضوع لله، وقيام وركوع وسجود. هي ترويض للنفس، وإذلال كبريائها، وجعلها طيعة لقبول الأوامر الإلهية والعمل بها.
ومن هنا نلمح اقتران ذكر الصلاة بالزكاة في أكثر الآيات التي أمرت بالزكاة. ويأتي الأمر بالزكاة بعد الأمر بالصلاة، قال الله -تعالى-: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [3]، {وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ} [4]، {وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ} [5].
والصلاة بعد ذلك أقوالٌ وأفعالٌ مخصوصة، تصوم فيها نفس الإنسان وجوارحه عن جميع المخالفات التي تفسد تمامها وكمالها.
ويتوجه المصلي في صلاته شطر المسجد الحرام، قال -تعالى-: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [6]. وهو في أداء هذا الركن من الصلاة بتوجهه إلى
البيت، يشترك مع ركن الإسلام الحج من طرف. [1] رواه البخاري 1/134 كتاب مواقيت الصلاة، باب الصلوات الخمس كفارة. [2] الصلاة عماد الدين، د. حسن الترابي ص 54 [3] وردت عِدَّة مرات، منها سورة البقرة الآيات: 43، 83، 110، وغيرها. [4] البقرة: 277 [5] الأحزاب: 33
* إنما خص الإقرار بالربوبية دون الألوهية لظهور الألوهية فيها. [6] البقرة: 144