إذاً فالصلاة هي القاعدة التي يقوم عليها الدين الذي جاء به الأنبياء عليهم السلام. ألا وهو الدين الإسلامي بمعناه العام.
5 - ومما يدل على مكانة الصلاة - أيضاً - أنَّها لا تسقط بحال، وإنَّما تخفف أركانها وعدد ركعاتها على العبد*، وكذلك النداء لها بنداء خاص أصبح شعيرة من شعائر الإسلام، وعلامة مميزة للمسلمين. وهو الأذان.
6 - وكذلك الطهارة للصلاة والأمر ببناء المساجد لها، مِمَّا يدل على مكانة الصلاة وعظم شأنها، فدوام الصلاة واطرادها على اختلاف الأحوال والأزمنة صفة تميزها عن غيرها من التكاليف العملية. فعامَّة التكاليف غير التعبدية - كالصلاة والصوم والحج* - منوطة بمصالح معينة تدور معها، فتثبت برجاء المصلحة، وترتفع بانتفائها أو نفادها.
وأمَّا أركان الإسلام المتقدمة فهي واجبات عينية، وحقوق لله لا تتخلف؛ ولكن الصلاة من بين تلك الأركان تتميز بصفة الدوام؛ لأنَّ الصوم لا يجب إلاَّ على المستطيع. والحج لا يلزم إلاَّ على من وجد إليه سبيلاً. والزكاة لا يخرجها إلاَّ مَنْ ملك النصاب. أمَّا الصلاة فلا تسقطها أعذار الطاقة، وإنَّما تخفف أركانها لرفع الحرج، ويبقى أصلها لئلا تتخلَّف معانيها الجليلة[1].
7 - والصلاة تكاد أن تكون جماعاً لأركان الإسلام؛ وذلك لاشتمالها على الشهادتين في التشهد الأول والأخير. والصلاة زكاة يومية، فالمصلي يبذل من وقته لأداء الصلاة، في حين يحتاج إلى هذا الوقت لأداء عمل يستفيد منه في تحصيل المال الذي سيزكي عنه. فعندما يصلي ينفق من وقته الذي هو أصل المال. فكما أنَّ الزكاة طهرة للمال، فكذا الصلاة طهرة للأوقات، وطهرة
* أي في حال الرخصة تخفف أركانها وعدد ركعاتها فقط بخلاف غيرها كالصوم. [1] الصلاة للطيار ص 19-20، والصلاة عماد الدين ص:54
* أي أن غير الأمور التعبدية في الشرع تدور مع مصلحتها في الغالب، المرجع السابق ص:20.