نام کتاب : خطبة الجمعة ودورها في تربية الأمة نویسنده : عبد الغني أحمد جبر مزهر جلد : 1 صفحه : 101
ويتذكر قول الشاعر:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم
واعلم أن الكلام إذا لم يخرج من القلب لم يصل إلى القلب، فكل خطيب وواعظ لا يكون عليه سيما الصلاح قل أن ينفع الله به [1] .
القدوة الصالحة: قد جعل الله تعالى الأنبياء هم القدوة للبشر في الخير، فهم الكمل في سيرتهم، المصطفون في أخلاقهم، ولو أن المشركين باختلاف عصورهم وأممهم وجدوا على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مأخذا في سلوكهم لطاروا به، ولأجلبوا عليه بخيلهم ورجلهم، ولجعلوه من أقوى حججهم في رد دعوتهم، ولكن أنى لهم ذلك.
وها هم مشركو العرب يطأطئون رؤوسهم أمام عظمة خلق النبي صلى الله عليه وسلم، وكريم صفاته وخلاله، ولطالما كانوا يتمنون لو وجدوا مغمزا عليه صلى الله عليه وسلم في سيرته في شبابه أو في كهولته ليرموه به في كل مجلس، أو يطعنوا به كلما دعاهم إلى الله جل وعلا، لكنهم لم يجدوا بدا من أن يقروا له بالفضل، ويصفوه بأنه الصادق الأمين، وكفى بهاتين الصفتين برهانا في إقامة الحجة عليهم.
ولقد حاولوا الطعن فيه، والتشكيك في دعوته، من خلال بشريته، وأنه كسائر البشر، ينكح، ويأكل الطعام، ويمشي في الأسواق، وما علموا أن مكمن العظمة، وسر الكمال هو في كونه بشرا، قال تعالى: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا} [الفرقان: 7] وقال تعالى: {فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ} [القمر: 24] وما فطن هؤلاء إلى عظيم غبائهم، وعمى قلوبهم حيث يجلون الرسول المرسل من الله تعالى للبشر أن يكون بشرا، ولا يجلون الإله أن يكون حجرا.
إن التربية بالقدوة من أهم وسائل التربية لاكتساب مكارم الأخلاق، وذلك لأن الناس يتأثرون بالأفعال أكثر من تأثرهم [1] معيد النعم ومبيد النقم، عبد الوهاب السبكي (ص89) .
نام کتاب : خطبة الجمعة ودورها في تربية الأمة نویسنده : عبد الغني أحمد جبر مزهر جلد : 1 صفحه : 101