أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} الآية[1].
وبما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنما البيع عن تراض" [2]، والرضا أمر خفي لا يطلع عليه، فأنيط الحكم بسبب ظاهر وهو الصيغة [3].
مناقشة هذا الدليل:
ويمكن أن يناقش هذا الدليل بأن يقال نسلم أن العقد منوط بالرضا والرضا كما يحصل بالقول يحصل بغيره مما يشعر به، ومن ذلك المعاطاة، فقد تعارف الناس التعاقدوالتقايل بها في بعض من المعاملات، قال ابن قدامة 4 "لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه مع كثرة وقوع البيع بينهم استعمال الإيجاب والقبول، ولو استعملوا ذلك في بياعاتهم لنقل إلينا نقلاً شائعاً، ولو كان ذلك شرطاً لوجب نقله، ولم يتصور منهم إهماله والغفلة عن نقله" [5].
الترجيح:
والذي يظهر لي أن القول بجواز الإقالة بالمعاطاة فيما تعارف الناس التعاقد [1] من آية 29 سورة النساء. [2] أخرجه ابن ماجه في سننه: 3/29 رقم الحديث (2185) وقال البوصيري اسناده صحيح ورجاله موثوقون (ينظر مصباح الزجاجة مطبوع بهامشه) وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى: 6/29 رقم الحديث (11075) ، وصححه الألباني في إرواء الغليل: 5/125 رقم الحديث (1283) . [3] ينظر شرح الوجيز للرافعي: 4/10، ومغني المحتاج للشربيني: 2/3.
4 ابن قدامة: هو الشيخ موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الفقيه الحنبلي الزاهد ولد سنة 541هـ وتوفي في دمشق سنة 620هـ. له ترجمة في الذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب: 4/133-149، والنجوم الزاهرة: 6/256. [5] المغني لابن قدامة: 6/8.