والواجب عند المسح على النعال والخفاف أن تكون ملبوسة على طهارة، أي على وضوء، والأدلة على ذلك حديث صفوان بن عسَّال السابق وفيه «نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طُهْر» وحديث المغيرة الأسبق وفيه «دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين» ورواه أبو داود بلفظ «دع الخفين فإني أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان، فمسح عليهما» فهذه النصوص تدل على اشتراط الطهارة عند اللبس، ومقتضاه أن إدخالهما غير طاهرتين يقتضي عدم المسح. وهذا رأي مالك والشافعي وأحمد وإسحق.
وخالفهم أبو حنيفة وسفيان الثوري ويحيى بن آدم والمزني وأبو ثور وداود، إذ قالوا يجوز اللبس على حدث ثم يكمل طهارته، وحملوا الأحاديث السابقة على اشتراط الطهارة من النجاسة، وليس الطهارة من الحدث. نعم إن لفظ الطهارة يشمل رفع الحدث ويشمل إزالة النجاسة ويشمل غيرهما، وإن القرينة هي التي تعين المعنى المقصود، وهنا القرينة ورود النصوص في موضوع الوضوء والمسح له، وليس في موضوع التطهُّر من النجاسات وغيرها، فكون النصوص جاءت في موضوع الوضوء فهي قرينة على أن المراد من الطهارةِ الطهارةُ من الحَدَث لا غير، ولا قرينة لديهم على صرف الطهارة إلى إزالة النجاسة، وإنما هو تعيين بدون معيِّن وتحديد بدون محدِّد.
واختلف الأئمة في حالة غسل الرجل اليمنى في الوضوء ولبس الخف قبل أن تُغسل الرجل اليسرى ويُلبس الخف الأيسر، هل يجوز مستقبلاً لمن فعل ذلك أن يمسح على خفيه؟ على رأيين الأصح منهما أنه لا يجوز، لأنه بفعله هذا يكون قد لبس الخف الأيمن قبل تمام الطهارة أي قبل تمام الوضوء، في حين أن الواجب على الماسح على الخفين أن يكون قد أدخل رجليه الخفين على طهارة، والطهارة لا تكون قبل اكتمال الوضوء. وقد نصر ابن حجر والنووي هذا الرأي خلافاً للثوري والمزني وابن المنذر.
ويَبطُل المسح على الخفين ومن ثم الوضوء بثلاثة أمور: