أما أدلة النافين للتوقيت، فمنها ما أخرجه أبو داود من حديث أبيِّ بن عمارة، أنه قال «يا رسول الله أمسحُ على الخفين؟ قال: نعم، قال: يوماً؟ قال: يوماً: قال: ويومين؟ قال: ويومين، قال: وثلاثة؟ قال: نعم وما شئت» وفي رواية له «حتى بلغ سبعاً، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نعم وما بدا لك» وما رواه ابن حِبَّان عن خُزَيمة بن ثابت أنه قال «رخَّص لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نمسح ثلاثاً، ولو استزدناه لزادنا» وما رواه ابن حِبَّان وابن ماجة « ... ولو مضى السائل على مسألته لجعلها خمساً» . حديث أبي داود من طريق ابن عمارة ضعيف، قال أحمد: رجاله لا يُعرفون. وقال الدارقطني (هذا إسناد لا يثبت، وفي إسناده ثلاثة مجاهيل) وقال ابن عبد البر: لا يثبت وليس له إسناد قائم. وقال أبو داود (إسناده ليس بالقوي) وعدَّه الجوزجاني في الموضوعات. وأما حديث خزيمة بن ثابت بالزيادة المذكورة فلا تقوم به حجة، لأن الزيادة على التوقيت مظنونة، فقوله «ولو استزدناه لزادنا» وقوله «ولو مضى السائل على مسألته» صريح في أنهم لم يسألوا ولم يُزادوا، فلا يصلح للاستدلال على عدم التوقيت. فمثل هذه النصوص الضعيفة وغير المفيدة لمزيدِ رأي لا تصمد أمام الأحاديث الصحيحة الكثيرة التي ذكرت التوقيت، فيسقط قولهم ويثبت قول القائلين بالتوقيت.
أما بدء مدة المسح، فمن حين الحدث وهو لابس وليس من حين المسح، لأن المسح عبادة مؤقتة، فاعتُبر أول وقتها من حين جواز فعلها وليس من حين المسح، وإن كان القول الآخر محتملاً، وليست لدينا نصوص ناطقة بترجيح أيٍّ من الرأيين.