أعني: أن يُفهم من قوله: “ فإذا قال: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} فأمنوا “ أنه لا يؤمن الإمام”[1].
* الرأي المختار:
ما ذهب إليه أصحاب القول الأول، القائلون بمشروعية التأمين للإمام، هو الرأي المختار، وذلك لمما يلي:
1. قوّة ما استدلوا به من أدلة دالة على مشروعية التأمين للإمام. إذ أن منها نصوصاً صريحة في تأمين الإمام. وأنه يقول: آمين. بعد فراغه من قراءة الفاتحة، وقوله: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} .
2. أكّد ابن شهاب الزهري ما صرّحت به النصوص والأدلة، موضحاً ما كان عليه حال النبي صلى الله عليه وسلم في قراءته. إذ قال: “ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: آمين “. فلم يبق بعد ذلك أدنى احتمال في عدم تأمين النبي صلى الله عليه وسلم عقب الفاتحة.
3. إن ما استدل به أصحاب القول الثاني، وإن كان ظاهره اقتصار الإمام على قول: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} وأنه لا يقول آمين، إلا أن هذا التعارض بين النصوص الصحيحة يقتضي الجمع والتوفيق بينها إذا كان ذلك ممكناً قبل المصير إلى الترجيح، لأن في الجمع إعمالاً للأدلة كلها. وأما الترجيح، فهو إعمال لبعض الأدلة، وإهمال لبعضها الآخر.
وبالنظر في تلك الأدلة السابقة يتبين:
أن ما استدل به أصحاب القول الثاني يمكن حمله على أن المراد به: التعريف بوقت تأمين المأموم، وبيان الموضع الذي يُقال فيه: آمين. وهو إذا قال الإمام: {وَلا الضَّالِّينَ} ليكون قولهما في آن واحد. فلا يتقدّم المأموم الإمام [1] بداية المجتهد 1/146، 147.