2- أنه قد خرج عن هذا الأصل جواز اتخاذ بعض أجزائها استثناء من الحكم العام فيها وهو الحرمة، وذلك تحقيقاً لمنافع العباد، ورفعاً للحرج عنهم، أو لما لحق بها في إزالة النجاسة كالدبغ مثلاً، أو كان ذلك لضرورة[1]، أو للنص على الجواز ويتضح هذا بما يأتي:
أ- أن بيع شعر الميتة وصوفها ووبرها ونحوه جائز عند الجمهور، لطهارته خلافاً للشافعية الذين يرون عدم جواز البيع بسبب نجاسة هذه الأشياء.
ب- أن بيع جلد الميتة بعد دبغه جائز عند الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة وابن وهب في سماعه عن ابن القاسم، خلافاً لما روى عن الإمام مالك في رواية عن ابن القاسم، وقال الحنفية بإمكان بيعه قبل الدبغ أيضاً لأن النجاسة غير مانعة من صحة البيع عندهم. [1] ذكر العلماء أن قاعدة "الضرورات تبيح المحظورات: تندرج تحت قاعدة المشقة تجلب التيسير، ومعنى أن الضرورات تبيح المحظورات، أن الممنوع شرعا يباح عند الضرورة وهذه القاعدة تتعلق بالرخص الشرعية وهي من القواعد الأصولية الفقهية ودليلها قوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} سورة الأنعام: الآية 119.
حيث أباح أكل الميتة للمضطر بقدر دفع الهلاك عند المجاعة، وأكل لحم الخنْزير، وإساغة اللقمة بالخمر عند الغصة، أو عند الإكراه التام بقتل أو قطع عضو، لأن الاضطرار كما يتحقق بالمجاعة يتحقق بالإكراه التام لا الناقص فهذه الأشياء تباح عند الاضطرار لقوله تعالى: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} أي دعتكم شدة المجاعة لأكلها والاستثناء من التحريم إباحة ومثل المجاعة يتحقق الاضطرار بالإكراه التام. راجع: الأشباه والنظائر للسيوطي 1/157، وشرح القواعد الفقهية للشيخ أحمد محمد الزرقا صفحة 163 – 164.