ولا شرائه ... "[1]. وجاء في كتاب الكافي: " ... ولا يجوز بيع الخمر والميتة والخنْزير والأصنام ... "[2]. وفي شرح منتهى الإرادات: "الثالث: كون المبيع مالاً وهو ما يباح نفعه مطلقاً أو اقتناؤه بلا حاجة، فخرج ما لا نفع فيه كالحشرات، وما فيه نفع محرم كخمر، وما لا يباح إلاّ عند الضرورة كالميتة ... "[3].
الموازنة: بالرجوع إلى أقوال الفقهاء بشأن بيع الخمر يتضح لنا أن الاتفاق حاصل بين جميع أهل العلم وجمهور الفقهاء على منع بيع الخمر، مع اختلاف طفيف في التعبير عن ذلك المنع، فمنهم من عبر عنه بعدم الجواز كالمالكية والحنابلة، ومنهم من عبر عن هذا بعدم الصحة كالشافعية. كما أن هؤلاء قد عللوا المنع بعلل تكاد تكون قريبة في معناها ومفادها، فمنهم من بنى المنع على كونها نجسة، وأن اعتبار بيعها يجعلها متقومة وهذا ينافي إهانتها بسبب النجاسة على نحو ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة والمالكية الذين اعتبروا أن السبب في منع بيع الخمر نجاستها، وعدم طهارتها، وتحريمها، وذلك لأن كل نجس محرم، ولا يصح بيع المحرم النجس.
في حين أن الحنفية: مع اتفاقهم مع الجمهور على منع بيع الخمر وعدم اعتبارها محلاً للتعامل، لنجاستها، وعدم ماليتها، فإنهم فقط فرقوا بين حالتين بسبب أنهم يفرقون بين الباطل والفاسد بحسب منهجهم في الأصول، وقالوا: إن الخمر إذا كانت محلاً للتعاقد وكان المقابل لها نقداً كان العقد باطلاً، في حين أنها إذا كانت ثمناً فإن العقد يكون فاسداً يملك فيه المبيع بالقبض من جانب المشتري لوجود حقيقة البيع وهو مبادلة مال بمال.
فالحنفية مع الجمهور في منع بيع الخمر بسبب نجاستها وعدم ماليتها وإهانتها، وأنهم فقط يخالفونهم في وصف العقد وقالوا بأنه يختلف هذا الوصف بحسب كون الخمر محلاً للعقد أي مثمناً فإن العقد يكون باطلاً، وإن كان ثمناً فالعقد يكون فاسداً، [1] ابن قدامة 4/4. [2] ابن قدامة 2/7. [3] البهوتي 2/613.