"إن وجدتم غيرها فكلوا منها واشربوا، وإن لم تجدوا غيرها فارحضوها بالماء وكلوا واشربوا".
وفي رواية عند الإمام أحمد عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: "قلت يا نبي الله إن أرضنا أرض أهل الكتاب وإنهم يأكلون لحم الخنْزير، ويشربون الخمر، فكيف أصنع بآنيتهم وقدورهم؟ قال: لا إن لم تجدوا غيرها فارحضوها واطبخوا فيها واشربوا" [1].
وقال الخطابي: "والأصل في هذا أنه إذا كان معلوماً من حال المشركين أنهم يطبخون في قدورهم لحم الخنْزير ويشربون في آنيتهم الخمور، فإنه لا يجوز استعمالها إلا بعد الغسل والتنظيف"[2]، فقد علق استعمال آنية الكفار على عدم وجدان غيرها، وعلق إباحة استعمالها على غسلها واقتنائها بالماء وهذا هو شأن النجاسات.
د – بما روى الطبري عن سيف[3] عن أبي المجالد[4] قالوا: بلغ عمر أن خالداً دخل الحمام فتدلك بعد النورة بثخين عصفر معجون بخمر فكتب إليه: بلغني أنك تدلكت بخمر، وإن الله قد حرم ظاهر الخمر وباطنه كما حرم ظاهر الإثم وباطنه، وقد حرم مس الخمر إلا أن تغسل كما حرم شربها، فلا تمسوها أجسادكم فإنها نجسة فإن فعلتم فلا تعودوا، فكتب إليه خالد: إنا قتلناهم فعادت غسولا غير خمر.
فكتب إليه عمر: إني أظن آل المغيرة قد ابتلوا بالجفاء فلا أماتكم الله عليه، فانتهى إليه ذلك.
فهذا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد صرح بأن الخمر نجسة ولا يجوز أن تمسها أجساد المسلمين، ولم يعرف له مخالف من الصحابة، فكان ذلك كالإجماع[5]. [1] مسند الإمام أحمد 4/193. [2] معالم السنن 5/334. [3] هو سيف بن أبي المغيرة التمار. ميزان الاعتدال في نقد الرجال للذهبي 3/356، برقم 3647. [4] هو مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني، راوية للحديث والأخبار، من أهل الكوفة، اختلفوا في توثيقه وقال البخاري: صدوق. راجع: الأعلام للزركلي 5/277. [5] تاريخ الأمم والملوك للطبري 4/204، والخمر في ضوء الكتاب والسنة للدكتور محمد عمر حوية صفحة 197.