فخلاصة القول أن المسألة فيها قولان:
القول الأول: للجمهور بنجاسة الخمر.
القول الثاني: لربيعة الرأي بطهارة الخمر.
الأدلة:
استدل القائلون بنجاسة الخمر بما يأتي:
أ – قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [1].
فإن الله سبحانه وتعالى قد سمى الخمر رجساً، والرجس يقع على الشيء المستقذر النجس، والنجس محرم.
ب - قوله تعالى: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً} [2].
قالوا لو كانت الخمر في الدنيا طاهرة لفات الامتنان من المولى سبحانه بطهورية خمر الآخرة [3].
قال الشيخ الشنقيطي بعد أن ساق هذا الاستدلال: "لأن وصفة شراب أهل الجنة بأنه طهور يفهم منه أن خمر الدنيا ليست كذلك، ومما يؤيد هذا أن كل الأوصاف التي مدح الله تعالى – بها خمر الآخرة منفية عن خمر الدنيا، كقوله: {لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} [4] وكقوله: {لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنْزِفُونَ} [5] بخلاف خمر الدنيا ففيها غول يغتال العقول وأهلها يصدعون – أي يصيبهم الصداع ... "[6].
ج – عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنا نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدرهم الخنْزير ويشربون في آنيتهم الخمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [1] سورة المائدة: الآية 90. [2] سورة الإنسان: الآية 21. [3] مغنى المحتاج 1/110. [4] سورة الصافات: الآية 47. [5] سورة الواقعة: الآية 19. [6] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن لمحمد الأمين بن المختار الجكني الشنقيطي 2/128.