وجاء عنه أيضاً قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لأكثم[1] بن الجون الخزاعي: "يا أكثم: رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندق يجر قصبه في النار، فما رأيت رجلاً أشبه برجل منك به، ولا بك منه، فقال أكثم: أتخشى أن يضرني شبهه يا رسول الله؟ قال: لا. انك مؤمن وهو كافر، إنه أول من غير دين إسماعيل فنصب الأوثان وبحر البحيرة وسيب السائبة ووصل الوصيلة، وحمى الحامي" [2].
وذلك أن الحارث هو الذي كان يلي أمر الكعبة، فلما بلغ عمرو بن لحى نازعه في الولاية وقاتل جرها ببني إسماعيل، فظفر بهم وأجلاهم عن الكعبة ونفاهم من بلاد مكة، وتولى حجابة البيت.
ثم انه مرض مرضاً شديداً فقيل له: إن بالبلقاء من الشام حمة[3] إن أتيتها برأت، فأتاها فاستحم بها، فبرأ ووجد أهلها يعبدون الأصنام. فقال: ما هذه؟ فقالوا: نستسقى بها المطر ونستنصر بها على العدو، فسألهم أن يعطوه منها، فقدم بها مكة ونصبها حول الكعبة[4].
وبذلك انتشرت عبادة الأصنام في القبائل العربية حتى عمت الجميع. [1] هو: أكثم بن الجون، أو ابن أبي الجون. واسمه عبد العزي بن منقذ بن ربيعة بن أصرم بن خبيس بن حزام الخزاعي. انظر: الإصابة لابن حجر (1/61) ، ترجمة (240) . [2] رواه ابن إسحاق كما في السيرة لابن هشام (1/76) ، والحاكم في المستدرك، كتاب الأهوال (4/605) ، وقال: حديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. [3] الحمة عين ماء حار يستشفي بها المرضى. انظر: النهاية (1/445) ، ولسان العرب (12/154) . [4] الأصنام لابن الكلبي (1/445) ، والسيرة لابن هشام (1/77) ، وانظر: أخبار مكة للأزرقي (1/100) .