من السلف الصالح من القرون الثلاثة، فإن عدم عمل السلف الصالح بالنص على الوجه الذي يفهمه منه من بعدهم يمنع اعتبار ذلك الفهم صحيحاً؛ إذ لو كان صحيحاً لم يعزب عن فهم السلف ويفهمه من بعدهم كما يمنع اعتبار ذلك النص دليلاً عليه؛ إذ لو كان دليلاً عليه لعمل به السلف الصالح.
فاستنباط ابن حجر الاحتفال بالمولد النبوي - مادام الأمر كذلك - من حديث صوم يوم عاشوراء، أو من نص آخر مخالف لما أجمع عليه السلف من ناحية العمل به وما خالف إجماعهم فهو خطا لأنهم لا يجتمعون إلا على هدى[1]. فهم أوْلى الناس وأحرص الناس على اتباعه صلى الله عليه وسلم والهدى فيما كانوا عليه [2].
ثالثاً: أن تخريج المولد على صيام يوم عاشوراء من التكلف المردود؛ لأن العبادات مبناها على الشرع والاتباع، لا على الهوى والابتداع، وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
العبادات مبناها على الشرع والاتباع لا على الهوى والابتداع فإن الإسلام مبني على أصلين:
أحدهما: أن نعبد الله وحده ولا شريك له.
والثاني: أن نعبده بما شرع على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم لا نعبده بالأهواء والبدع. [1] القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل صلى الله عليه وسلم لإسماعيل الأنصاري (78) . [2] انظر: تفصيل القول في أن الهدى ما كان عليه الصحابة والتابعون. الموافقات للشاطبي (3/41-42) ، وإعلام الموقعين لابن القيم (2/389-392) .