ونوقش: بأن التفريق بين العالم والجاهل لا يسوغ بدليل أن من صلى منفرداً خلف الصف أمره بالإعادة مع كونه جاهلاً ولم يأمر أبا بكرة بالإعادة، فدلّ على صحة صلاته [1] .
الترجيح: بالنظر في أدلة الأقوال السابقة نجد أن العمدة في المسألة هو حديث أبي بكرة يستدل به كل قول ويوجهه ليتفق مع رأيه، وقد نوقش هذا الحديث بأنه قضية عين يحتمل دخوله في الصف قبل رفع الإمام، ويحتمل أنه لم يدخل فيه حتى رفع الإمام، وحكاية الفعل لا عموم لها، فلا يُمكن أن يحتج به على الصورتين، فهي إذا مجملة متشابهة قد عارضها النص المحكم الصريح في النهي عن صلاة المنفرد خلف الصف [2] ومن لم يدرك الصف والإمام راكع فقد صلى ركعة منفرداً مع قدرته على الاصطفاف فلا تصح ركعته.
فلهذا يترجح لي - والله أعلم - عدم صحة ركعته؛ لأنه صلاها منفرداً خلف الصف مع قدرته على الاصطفاف. [1] ينظر: مجموع الفتاوى 23/397. [2] أعلام الموقعين 2/359 وما بعدها، وحديث النهي عن صلاة المنفرد خلف الصف سبق تخريجه ص 346.
* المسألة الثالثة: إذا زالت فذوذيته بعد السجود:
وصورة ذلك: أن يدخل في الصف بعد السجود أو يأتي آخر ويصافه فهل تصح صلاته أو لا؟ لقد اختلف الفقهاء - رَحِمَهُمُ اللهُ - في ذلك على قولين:
القول الأول: أن ركعته تلك لا تصح، وهو قول الحنابلة، ولا نزاع عندهم في ذلك يقول الزركشي [1] : ((وإن لم يدخل مع الإمام في الصف حتى [1] هو: شمس الدين، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد الزركشي المصري الحنبلي، كان إماماً في المذهب، له تصانيف مفيدة أشهرها: شرح الخرقي، توفي سنة 772 ?. ينظر: شذرات الذهب 6/224.