الحالة الثانية: أن يجزم بعدم الإدراك، فهذا لايكون مدركاً للركعة بغير خلاف [1] .
الحالة الثالثة: أن يشك [2] في إدراك الإمام في الركوع، فهذا اختلف [1] انظر: البحر الرائق 2/83، والذخيرة للقرافي 2/274، والمجموع 4/216، والمغني 2/182. [2] اختلف الفقهاء - رَحِمَهُ اللهُ- في تفسير الشك، فعند الحنفية والمالكية يشمل استواء تردده وظن الإدراك أو عدمه. ينظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم 1/76، وحاشية الدسوقي 1/347.
أمَّا عند الشافعية فمعناه: التردد في الطمأنينة لكن ألحقوا به ظن الإدراك وغلبة الظن أيضاً؛ لأن ذلك مجامع للشك بالفعل ورجحه الشيخ الشربيني في مغني المحتاج، ونظر فيه الزركشي؛ لأن الظن والشك حقيقتان متباينتان إذا وجدت إحداهما انتفت الأخرى إذ الظن لا يتحقق إلاَّ مع الرجحان، والشك لا يتحقق إلاَّ مع التساوي وهما ضدان. ينظر: نهاية المحتاج 2/243، وحاشية الرشيدي عليه، ومغني المحتاج 2/261.
ولم أجد للحنابلة نصاً في المسألة لكن الذي يظهر لي من كلامهم أنهم يوافقون الشافعية في أن الشك معناه استواء الطرفين، والظن وغلبة الظن يلحقان بالشك؛ لأنهم شرطوا لمن شك في عدد ركعاته أن يبني على اليقين، ومثله من شك في إدراك الإمام راكعاً لا يخرجه من ذلك إلاَّ اليقين.
وهناك رواية أخرى عن الإمام أحمد - رَحِمَهُ اللهُ - في مسائل الشك أنه يبني على غالب ظنه واختارها الشيخ / تقي الدين ابن تيمية - رَحِمَهُ اللهُ - وقال: على هذا عامة أمور الشرع. ا ?، وهو ظاهر كلام الخرقي وذكر في حاشية الروض أن هذه الرواية هي المشهورة عن الإمام أحمد، وروى عن عليّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وغيره لما في الصحيحين عن ابن مسعود - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا شكّ أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم يسجد سجدتين» ، وللبخاري: «بعد التسليم» ، وفي لفظ: «فليتحر أقرب ذلك إلى الصواب» رواه البخاري في صحيحه، كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان 1/105، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة حديث [572] 1/400. ونقل في حاشية الروض عن أبي الفَرَج أن التحري سائغ في الأقوال والأفعال، ثم قال صاحب الحاشية: ويحمل ما تقدم على استواء الأمرين فإنه لا خلاف إذا في البناء على اليقين.
والراجح في نظري - والله أعلم - أنّ المراد بالشك هنا استواء الطرفين، أمَّا إذا ترجح أحدهما فيعمل بما ترجح لديه لدلالة الحديث السابق.
ينظر: مختصر الخرقي مع المغني 2/406، وشرح الزركشي 2/16، ومجموع الفتاوى 23/15، والإنصاف 2/146، وكشاف القناع 1/406، وما بعدها، وشرح منتهى الإرادات 2/230 وما بعدها، وحاشية الروض المربع 2/167.