responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 379
قَاطِعٌ فِي وُجُوبِ عِتْقِ أَمَةِ الذِّمِّيِّ، أَوْ الْحَرْبِيِّ إذَا أَسْلَمَتْ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ أَنْ لَا نَرْجِعَهَا إلَى الْكُفَّارِ وَأَنَّهُنَّ لَا يَحْلِلْنَ لَهُمْ وَأَبَاحَ لَنَا نِكَاحَهُنَّ، وَهَذَا عُمُومٌ يُوجِبُ الْحُرِّيَّةَ ضَرُورَةً.
فَإِنْ قِيلَ: قَوْله تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 10] دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى أَرَادَ الزَّوْجَاتِ. قُلْنَا: الْآيَةُ كُلُّهَا عَامَّةٌ لِكُلِّ مُؤْمِنَةٍ هَاجَرَتْ بِالْإِيمَانِ لِتَدْخُلَ فِي جُمْلَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا الْحُكْمُ فِي إيتَاءِ مَا أَنْفَقُوا خَاصٌّ فِي الزَّوْجَاتِ، وَلَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ سَائِرُ عُمُومِ الْآيَةِ خُصُوصًا، إذْ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ لُغَةٌ وَلَا شَرِيعَةٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَقَدْ صَحَّ أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ خَرَجَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْلِمًا فَعَتَقَ.
فَإِنْ قَالُوا: هَذَا حُكْمُ مَنْ خَرَجَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ. قُلْنَا: مَا الْفَرْقُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مَنْ قَالَ: بَلْ هَذَا حُكْمُ مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّائِفِ خَاصَّةً؟ وَهَلْ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ فَرْقٌ؟ ثُمَّ نَقُولُ لَهُمْ: وَمَا دَلِيلُكُمْ عَلَى هَذَا؟ وَإِنَّمَا جَاءَ مُسْلِمًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَبْدٌ لِكَافِرٍ فَأَعْتَقَهُ، وَلَمْ يَقُلْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: إنِّي إنَّمَا أَعْتَقْته، لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ، فَمَنْ نَسَبَ هَذَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِ، وَقَالَ عَلَيْهِ بِلَا بُرْهَانٍ، وَأَنْتُمْ تَقِيسُونَ الْجِصَّ عَلَى التَّمْرِ، السَّقَمُونْيَا عَلَى الْبُرِّ، وَالْكَمُّونَ عَلَيْهِمَا بِلَا بُرْهَانٍ، وَفَرْجَ الْمُسْلِمَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ عَلَى يَدِ السَّارِقِ، ثُمَّ تُفَرِّقُونَ بَيْنَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ وَعَبْدٍ مُسْلِمٍ كِلَاهُمَا أَسْلَمَ فِي مِلْكِ كَافِرٍ، إنَّ هَذَا لَعِوَجٌ مَا شِئْتُمْ.
فَإِنْ ذَكَرُوا أَمْرَ بِلَالٍ، وَسَلْمَانَ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ كِلَيْهِمَا أَسْلَمَ وَهُمَا مَمْلُوكَانِ لِوَثَنِيٍّ وَيَهُودِيٍّ؛ فَابْتَاعَ بِلَالًا أَبُو بَكْرٍ، وَكَاتَبَ سَلْمَانَ سَيِّدُهُ، فَلَوْ كَانَا حُرَّيْنِ بِنَفْسِ إسْلَامِهِمَا لَمَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ مَالِكَ وَلَاءِ بِلَالٍ، وَلَا صَحِيحَ الْعِتْقِ فِيهِ؟ قُلْنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: أَمَّا أَمْرُ بِلَالٍ فَكَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ بِلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ، وَقَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا بِبِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، لِأَنَّ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ فِي " سُورَةِ النِّسَاءِ " وَلَمْ تَكُنْ الصَّلَاةُ يَوْمَئِذٍ لَازِمَةً، وَلَا الزَّكَاةُ، وَلَا الصِّيَامُ، وَلَا الْحَجُّ، وَلَا الْمَوَارِيثُ، وَلَا كَانَ حَرَامًا نِكَاحُ الْوَثَنِيِّ الْمُسْلِمَةَ، وَلَا نِكَاحُ الْمُسْلِمِ الْوَثَنِيَّةَ، وَلَا مِلْكُ الْوَثَنِيِّ لِلْمُسْلِمِ، فَلَا حُجَّةَ فِي أَمْرِ بِلَالٍ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 379
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست