responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 378
فَإِنْ قَالُوا: نَبِيعُهُ عَلَى الْكَافِرِ كَمَا تَبِيعُونَ أَنْتُمْ عَبْدَ الْمُسْلِمِ وَأَمَتَهُ إذْ شَكَوْا الضَّرَرَ، وَفِي التَّفْلِيسِ. قُلْنَا لَهُمْ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ -: لَا نَبِيعُ عَبْدًا لِمُسْلِمٍ وَلَا أَمَتَهُ أَصْلًا إلَّا فِي حَقٍّ وَاجِبٍ لَازِمٍ لَا يُمْكِنُنَا التَّوَصُّلُ إلَيْهِ أَلْبَتَّةَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إلَّا بِبَيْعِهِمَا وَإِلَّا فَلَا، أَوَّلُ ذَلِكَ: أَنَّنَا لَا نَبِيعُهُمَا عَلَيْهِ إلَّا فِي دَيْنٍ لَزِمَهُ، أَوْ فِي نَفَقَةٍ لَزِمَتْهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْمَمْلُوكِ وَالْمَمْلُوكَةِ، أَوْ لِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، أَوْ لِضَرَرٍ ثَابِتٍ؛ فَأَمَّا الْحَقُّ الْوَاجِبُ فَمَا دُمْنَا نَجِدُ لَهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لَمْ نَبِعْهُمَا عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ نَجِدْ لَهُ غَيْرَهُمَا وَلَمْ يَكُنْ سَبِيلٌ إلَى أَدَاءِ ذَلِكَ الْحَقِّ إلَّا بِبَيْعِهِمَا فَهُمَا مَالٌ مِنْ مَالِهِ يُبَاعُ عِنْدَ ذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ} [النساء: 135] وَمِنْ الْقِيَامِ بِالْقِسْطِ: إعْطَاءُ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَصَوَّبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - هَذَا الْقَوْلَ، إذْ قَالَهُ سَلْمَانُ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.
وَأَمَّا الضَّرَرُ الثَّابِتُ فَإِنْ أَمْكَنَنَا مَنْعُ الضَّرَرِ بِأَنْ نَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَمَةِ، وَالْعَبْدِ، بِأَنْ يُؤَاجَرَا، أَوْ يُجْعَلَا عِنْدَ ثِقَةٍ يَمْنَعُ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِمَا لَمْ نَبِعْهُمَا، فَإِذَا لَمْ يُقْدَرْ عَلَى ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ بِعْنَاهُمَا، لِأَنَّنَا لَا نَقْدِرُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ وَالْإِثْمِ إلَّا بِذَلِكَ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] .
فَإِنْ قَالُوا: كَذَلِكَ تَحَكُّمُ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْ عَبِيدِهِمْ ضَرَرٌ. قُلْنَا: فَإِنْ صَحَّ أَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ مِنْ سَيِّدِهِمَا الْكَافِرِ، أَوْ سَيِّدَتِهِمَا الْكَافِرَةِ؛ بَلْ هُمَا مُعْتَرِفَانِ بِالْإِحْسَانِ وَالرِّفْقِ جُمْلَةً، أَلَيْسَ قَدْ بَطَلَ تَعَلُّقُكُمْ بِالضَّرَرِ؟ هَذَا مَا لَا شَكَّ فِيهِ.
فَإِنْ قَالُوا: نَخَافُ أَنْ يُفْسِدَا دِينَهُمَا بِطُولِ الصُّحْبَةِ. قُلْنَا: فَفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ ابْنَيْهِمَا إذَا أَسْلَمَ خَوْفَ أَنْ يَفْسُدَ دِينُهُ، وَبِيعُوا عَبْدَ الْمُسْلِمِ الْفَاسِقِ وَأَمَتَهُ بِهَذَا الِاعْتِلَالِ، لِأَنَّهُ مَظْنُونٌ مِنْهُ تَدْرِيبُهُمَا عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ، وَإِضَاعَةِ الصَّلَاةِ وَالظُّلْمِ، وَلَا فَرْقَ، وَهَذَا مَا لَا مُخَلِّصَ مِنْهُ أَصْلًا - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وقَوْله تَعَالَى: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الممتحنة: 10] بُرْهَانٌ

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 378
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست