responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 239
وَجَعَلَ فِي الصَّيْدِ جَزَاءً مِنْ النَّعَمِ لَا مِنْ مِثْلِهِ مِنْ الصَّيْدِ الْمُبَاحِ فِي الْإِحْلَالِ، أَوْ إطْعَامًا، أَوْ صِيَامًا، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي أَمْوَالِ النَّاسِ؛ فَسَوَّوْا بَيْنَ حُكْمَيْنِ قَدْ فَرَّقَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَهُمَا - وَهَذِهِ جُرْأَةٌ شَدِيدَةٌ وَخَطَأٌ لَائِحٌ؛ وَأَمَّا خَطَؤُهُمْ فِيهِ فَإِنَّ الْحَنَفِيِّينَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَاتِ لَا يَجُوزُ أَنْ تُؤْخَذَ قِيَاسًا، وَأَوْجَبُوا هَاهُنَا قِيَاسًا، وَالْقَوْمُ لَيْسُوا فِي شَيْءٍ، وَإِنَّمَا هُمْ فِي شَبَهِ اللَّعِبِ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلَانِ.
وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ فَإِنَّهُمْ قَاسُوا مُتْلِفَ الصَّيْدِ خَطَأً عَلَى مُتْلِفِ أَمْوَالِ النَّاسِ عَمْدًا، وَإِنَّمَا يَجِبُ عِنْدَهُمْ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ الْقِيمَةُ فَقَطْ، وَيَجِبُ عِنْدَهُمْ فِي الصَّيْدِ الْمِثْلُ مِنْ النَّعَمِ، أَوْ الْإِطْعَامُ، أَوْ الصِّيَامُ، فَقَدْ تَرَكُوا قِيَاسَهُمْ الْفَاسِدَ.
فَإِنْ قَالُوا: اتَّبَعْنَا الْقُرْآنَ؟ قُلْنَا: فَالْتَزَمُوا اتِّبَاعَهُ فِي الْعَامِدِ خَاصَّةً وَإِسْقَاطُ الْجُنَاحِ عَنْ الْمُخْطِئِ، وَأَوْجَبُوا فِي الصَّيْدِ: الْقِيمَةَ كَمَا فَعَلَ أَبُو حَنِيفَةَ وَطَرَدَ قِيَاسَهُ الْفَاسِدَ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْحَنَفِيِّينَ لَا يَرَوْنَ ضَمَانَ مَا وَلَدَتْ الْمَاشِيَةُ الْمَغْصُوبَةُ إلَّا أَنْ تُسْتَهْلَكَ الْأَوْلَادِ، وَيَرَى عَلَى مَنْ أَخَذَ صَيْدًا وَهُوَ مُحْرِمٌ فَوَلَدَ عِنْدَهُ، ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ: أَنْ يَضْمَنَ الْأُمَّ وَالْأَوْلَادَ، فَأَيْنَ قِيَاسُهُ الصَّيْدَ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ؟ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّونَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ حَرَّمَ الْخِنْزِيرَ، وَكُلَّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، وَكُلَّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ كَمَا حَرَّمَ الصَّيْدَ فِي الْإِحْرَامِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِلْكٌ لِلَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ لَا يُوجِبُونَ عَلَى مَنْ قَتَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ جَزَاءً، فَنَقَضُوا قِيَاسَهُمْ.
فَإِنْ قَالُوا: لَمْ يُحَرِّمْ قَتْلَ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ؟ قُلْنَا: وَلَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْجَزَاءَ إلَّا عَلَى الْمُتَعَمِّدِ فَإِمَّا الْتَزَمُوا النُّصُوصَ كَمَا وَرَدَتْ وَلَا تَتَعَدَّوْا حُدُودَ اللَّهِ، وَإِمَّا اُطْرُدُوا قِيَاسَكُمْ فَأَوْجِبُوا الْجَزَاءَ فِي الْخِنْزِيرِ؛ وَفِي السِّبَاعِ، وَفِي ذَوَاتِ الْمَخَالِبِ، كَمَا فَعَلَ أَبُو حَنِيفَةَ - فَظَهَرَ أَيْضًا فَسَادُ أَقْوَالِهِمْ جُمْلَةً - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ لِيَعْلَمَ أَنَّ حُكْمَ الْمُخْطِئِ مِثْلُهُ -: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذِهِ مِنْ أَسْخَفِ كَلَامٍ فِي الْأَرْضِ، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا نَصَّ عَلَى أَنَّ جَزَاءَ قَاتِلِ الْمُؤْمِنِ عَامِدًا فِي جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 239
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست