responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 238
لِلْمَسْكُوتِ عَنْهُ بِحُكْمِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، وَدَلِيلُ الْخِطَابِ: هُوَ أَنْ يُحْكَمَ لِلْمَسْكُوتِ عَنْهُ بِخِلَافِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا هُمْ فَتَلَوَّنُوا هَاهُنَا مَا شَاءُوا، فَمَرَّةً يَحْكُمُونَ لِلْمَسْكُوتِ عَنْهُ بِحُكْمِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ قِيَاسًا، وَمَرَّةً يَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حُكْمِهِ أَخْذًا بِدَلِيلِ الْخِطَابِ - وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ مُضَادٌّ لِلْآخَرِ.
وَأَمَّا نَحْنُ فَلَا نَتَعَدَّى الْقُرْآنَ وَلَا السُّنَّةَ وَنُوقِفُ أَمْرَ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ فَلَا نَحْكُمُ لَهُ بِحُكْمِ الْمَنْصُوصِ وَلَا بِحُكْمٍ آخَرَ، بِخِلَافِ حُكْمِ الْمَنْصُوصِ؛ لَكِنْ نَطْلُبُ حُكْمَهُ فِي نَصٍّ آخَرَ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِ وَلَمْ نَقُلْ قَطُّ هَاهُنَا: إنَّهُ لَمَّا نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى إيجَابِ الْجَزَاءِ وَالْكَفَّارَةِ عَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ عَمْدًا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُخْطِئُ بِخِلَافِهِ، وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَقُولَ هَذَا، لَكِنْ قُلْنَا: لَيْسَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إلَّا الْمُتَعَمِّدُ وَحْدُهُ وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرٌ لِلْمُخْطِئِ لَا بِإِيجَابِ جَزَاءٍ عَلَيْهِ وَلَا بِإِسْقَاطِهِ عَنْهُ فَوَجَبَ طَلَبُ حُكْمِهِ فِي نَصٍّ آخَرَ، إذْ لَيْسَ حُكْمُ كُلِّ شَيْءٍ مَوْجُودًا فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي لَا يَعْقِلُ أَحَدٌ سِوَاهُ؛ فَإِذَا وَجَدْنَا حُكْمَهُ حَكَمْنَا بِهِ، إمَّا مُوَافِقًا لِهَذَا الْحُكْمِ الْآخَرِ، وَإِمَّا مُخَالِفًا لَهُ، فَفَعَلْنَا -: فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَسْقَطَ الْجُنَاحَ عَنْ الْمُخْطِئِ.
وَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَالَ: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» وَأَنَّهُ قَدْ عَفَا عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ، وَذَمَّ تَعَالَى مَنْ شَرَعَ فِي الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ.
فَوَجَبَ بِهَذِهِ النُّصُوصِ أَنْ لَا يَلْزَمَ قَاتِلُ الصَّيْدِ خَطَأً أَوْ نَاسِيًا لِإِحْرَامِهِ شَرْعُ صَوْمٍ، وَلَا غَرَامَةُ هَدْيٍ، أَوْ إطْعَامٌ أَصْلًا؛ فَظَهَرَ فَسَادُ احْتِجَاجِهِمْ - وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ.
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا: بِأَنْ قَالُوا: لَمَّا كَانَ مُتْلِفُ أَمْوَالِ النَّاسِ يَلْزَمُهُ ضَمَانُهَا بِالْخَطَأِ وَالْعَمْدِ وَكَانَ الصَّيْدُ مِلْكًا لِلَّهِ تَعَالَى وَجَبَ ضَمَانُهُ بِالْعَمْدِ وَالْخَطَأِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا قِيَاسٌ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ ثُمَّ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنُ الْبَاطِلِ، وَلَكَانُوا أَيْضًا قَدْ أَخْطَئُوا فِيهِ.
أَمَّا كَوْنَهُ خَطَأً فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَّقَ بَيْنَ حُكْمِ مَا أُصِيبَ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ وَبَيْنَ حُكْمِ مَا أُصِيبَ مِنْ الصَّيْدِ فِي الْإِحْرَامِ فَجَعَلَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ الْمِثْلَ، أَوْ الْقِيمَةَ عِنْدَ عَدَمِ الْمِثْلِ،

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 5  صفحه : 238
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست