responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 12  صفحه : 21
فَلَمْ يَخُصَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - شَيْئًا مِنْ شَيْءٍ مِمَّا أَمَرَ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ تَائِبًا مِنْ غَيْرِهِ {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى - إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3 - 4] {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] .
ثُمَّ نَظَرْنَا أَيْضًا فِي احْتِجَاجِهِمْ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ بِأَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ تُسْقِطُ عَذَابَ الْآخِرَةِ - وَهُوَ الْعَذَابُ الْأَكْبَرُ - فَإِذَا أَسْقَطَتْ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ فَأَحْرَى وَأَوْجَبُ أَنْ تُسْقِطَ الْعَذَابَ الْأَقَلَّ، الَّذِي هُوَ الْحَدُّ فِي الدُّنْيَا فَوَجَدْنَا هَذَا كُلَّهُ لَازِمًا لِكُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا، لِأَنَّهُمْ أَصْحَابُ قِيَاسٍ - بِزَعْمِهِمْ - وَلَوْ صَحَّ قِيَاسٌ يَوْمًا مَا مِنْ الدَّهْرِ لَكَانَتْ هَذِهِ الْمَقَايِيسُ أَصَحَّ قِيَاسٍ فِي الْعَالَمِ.
وَأَيْنَ هَذَا مِنْ قِيَاسِهِمْ الْفَاسِدِ: الْحَدِيدُ عَلَى الذَّهَبِ فِي الرِّبَا، وَغَزْلُ الْقُطْنِ عَلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي الرِّبَا، وَقِيَاسِهِمْ فَرْجَ الزَّوْجَةِ عَلَى يَدِ السَّارِقِ، وَسَائِرِ قِيَاسَاتِهِمْ الْفَاسِدَةِ الَّتِي لَا تُعْقَلُ.
وَأَمَّا نَحْنُ فَلَا يَلْزَمُنَا هَذَا، لِأَنَّ الْقِيَاسَ كُلَّهُ بَاطِلٌ لَا يَحِلُّ الْقَوْلُ بِشَيْءٍ مِنْهُ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَعَذَابُ الْآخِرَةِ غَيْرُ عَذَابِ الدُّنْيَا، وَلَيْسَ إذَا سَقَطَ أَحَدُهُمَا وَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ الْآخَرُ، إذْ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ نَصُّ قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا إجْمَاعٍ.
وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَعَاصِي لَيْسَ فِيهَا فِي الدُّنْيَا حَدٌّ، كَالْغَصْبِ - وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ: يَا كَافِرُ - وَكَأَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَعُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ - وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُوجِبِ أَنْ يَكُونَ فِيهَا فِي الْآخِرَةِ عِقَابٌ، بَلْ فِيهَا أَعْظَمُ الْعِقَابِ فِي الْآخِرَةِ.

نام کتاب : المحلى بالآثار نویسنده : ابن حزم    جلد : 12  صفحه : 21
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست