responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 30
وَلَمْ يُكَفَّرْ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بَاعَتْ مُدَبَّرَةً لَهَا سَحَرَتْهَا، بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ. وَلَوْ كُفِّرَتْ لَصَارَتْ مُرْتَدَّةً يَجِبُ قَتْلُهَا، وَلَمْ يَجُزْ اسْتِرْقَاقُهَا، وَلِأَنَّهُ شَيْءٌ يَضُرُّ بِالنَّاسِ، فَلَمْ يُكَفَّرْ بِمُجَرَّدِهِ كَأَذَاهُمْ. وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} [البقرة: 102] . إلَى قَوْلِهِ: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} [البقرة: 102] . أَيْ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ، أَيْ وَمَا كَانَ سَاحِرًا كَفَرَ بِسِحْرِهِ.
وَقَوْلُهُمَا: إنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ. أَيْ لَا تَتَعَلَّمْهُ فَتَكْفُرَ بِذَلِكَ، وَقَدْ رَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْهَا، فَجَعَلَتْ تَبْكِي بُكَاءً شَدِيدًا، وَقَالَتْ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، إنَّ عَجُوزًا ذَهَبَتْ بِي إلَى هَارُوتَ وَمَارُوتَ. فَقُلْت: عَلِّمَانِي السِّحْرَ. فَقَالَا: اتَّقِي اللَّهَ وَلَا تَكْفُرِي، فَإِنَّكِ عَلَى رَأْسِ أَمْرِكِ. فَقُلْت: عَلِّمَانِي السِّحْرَ. فَقَالَا: اذْهَبِي إلَى ذَلِكَ التَّنُّورِ، فَبُولِي فِيهِ. فَفَعَلْتُ، فَرَأَيْتُ كَأَنَّ فَارِسًا مُقَنَّعًا فِي الْحَدِيدِ خَرَجَ مِنِّي حَتَّى طَارَ، فَغَابَ فِي السَّمَاءِ، فَرَجَعْتُ إلَيْهِمَا، فَأَخْبَرْتُهُمَا، فَقَالَا: ذَلِكَ إيمَانُكِ. فَذَكَرَتْ بَاقِيَ الْقِصَّةِ إلَى أَنْ قَالَتْ: وَاَللَّهِ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَا صَنَعْتُ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا، وَلَا أَصْنَعُهُ أَبَدًا فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَتْ عَائِشَةُ: وَرَأَيْتهَا تَبْكِي بُكَاءً شَدِيدًا، فَطَافَتْ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمْ مُتَوَافِرُونَ - تَسْأَلُهُمْ، هَلْ لَهَا مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَمَا أَفْتَاهَا أَحَدٌ، إلَّا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لَهَا: إنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ أَبَوَيْكِ حَيًّا، فَبِرِّيهِ، وَأَكْثِرِي مِنْ عَمَلِ الْبِرِّ مَا اسْتَطَعْتِ.
وَقَوْلُ عَائِشَةَ قَدْ خَالَفَهَا فِيهِ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - السَّاحِرُ كَافِرٌ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُدَبَّرَةَ تَابَتْ فَسَقَطَ عَنْهَا الْقَتْلُ وَالْكُفْرُ بِتَوْبَتِهَا. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا سَحَرَتْهَا، بِمَعْنَى أَنَّهَا ذَهَبَتْ إلَى سَاحِرٍ سَحَرَ لَهَا.

[فَصْلٌ حَدُّ السَّاحِرِ]
(7126) فَصْلٌ: وَحَدُّ السَّاحِرِ الْقَتْلُ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَحَفْصَةَ، وَجُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَجُنْدُبِ بْنِ كَعْبٍ وَقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ. وَلَمْ يَرَ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ الْقَتْلَ بِمُجَرَّدِ السِّحْرِ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُنْذِرِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِيمَا تَقَدَّمَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ، أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، بَاعَتْ مُدَبَّرَةً سَحَرَتْهَا، وَلَوْ وَجَبَ قَتْلُهَا لَمَا حَلَّ بَيْعُهَا، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ؛ كُفْرٍ بَعْدَ إيمَانٍ أَوْ زِنًى بَعْدَ إحْصَانٍ، أَوْ قَتْلِ نَفْسٍ بِغَيْرِ حَقٍّ» . وَلَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَحِلَّ دَمُهُ.
وَلَنَا، مَا رَوَى جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «حَدُّ السَّاحِرِ، ضَرْبُهُ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 30
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست