responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 29
لَوْ جَازَ، لَبَطَلَتْ مُعْجِزَاتُ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْرِقُ الْعَادَاتِ، فَإِذَا جَازَ مِنْ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ، بَطَلَتْ مُعْجِزَاتُهُمْ وَأَدِلَّتُهُمْ.
وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1] {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} [الفلق: 2] {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} [الفلق: 3] {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: 4] يَعْنِي السَّوَاحِرَ اللَّاتِي يَعْقِدْنَ فِي سِحْرِهِنَّ، وَيَنْفُثْنَ عَلَيْهِ، وَلَوْلَا أَنَّ السِّحْرَ لَهُ حَقِيقَةٌ، لَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ} [البقرة: 102] . إلَى قَوْلِهِ: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البقرة: 102] . وَرَوَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُحِرَ، حَتَّى إنَّهُ لَيُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ وَأَنَّهُ قَالَ لَهَا ذَاتَ يَوْمٍ: أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ؟ أَنَّهُ أَتَانِي مَلَكَانِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، فِي جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانِ.» ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ. جُفُّ الطَّلْعَةِ: وِعَاؤُهَا. وَالْمُشَاطَةُ: الشَّعَرُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ شَعَرِ الرَّأْسِ أَوْ غَيْرِهِ إذَا مُشِطَ. فَقَدْ أَثْبَتَ لَهُمْ سِحْرًا.
وَقَدْ اُشْتُهِرَ بَيْنَ النَّاسِ وُجُودُ عَقْدِ الرَّجُلِ عَنْ امْرَأَتِهِ حِينَ يَتَزَوَّجُهَا فَلَا يَقْدِرُ عَلَى إتْيَانِهَا، وَحَلُّ عَقْدِهِ، فَيَقْدِرُ عَلَيْهَا بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْهَا، حَتَّى صَارَ مُتَوَاتِرًا لَا يُمْكِنُ جَحْدُهُ. وَرُوِيَ مِنْ أَخْبَارِ السَّحَرَةِ مَا لَا يَكَادُ يُمْكِنُ التَّوَاطُؤُ عَلَى الْكَذِبِ فِيهِ. وَأَمَّا إبْطَالُ الْمُعْجِزَاتِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْلُغُ مَا يَأْتِي بِهِ الْأَنْبِيَاءُ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -، وَلَيْسَ يَلْزَمُ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى أَنْ تَسْعَى الْعِصِيُّ وَالْحِبَالُ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ تَعَلُّمَ السِّحْرِ وَتَعْلِيمَهُ حَرَامٌ لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَيُكَفَّرُ السَّاحِرُ بِتَعَلُّمِهِ وَفِعْلِهِ، سَوَاءٌ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ أَوْ إبَاحَتَهُ.
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ، فَإِنَّ حَنْبَلًا رُوِيَ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ عَمِّي فِي الْعَرَّافِ وَالْكَاهِنِ وَالسَّاحِرِ: أَرَى أَنْ يُسْتَتَابَ مِنْ هَذِهِ الْأَفَاعِيلِ كُلِّهَا، فَإِنَّهُ عِنْدِي فِي مَعْنَى الْمُرْتَدِّ، فَإِنْ تَابَ وَرَاجَعَ يَعْنِي يُخَلَّى سَبِيلُهُ. قُلْت لَهُ: يُقْتَلُ؟ قَالَ: لَا، يُحْبَسُ، لَعَلَّهُ يَرْجِعُ. قُلْت لَهُ: لِمَ لَا تَقْتُلُهُ؟ قَالَ: إذَا كَانَ يُصَلِّي، لَعَلَّهُ يَتُوبُ وَيَرْجِعُ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُكَفِّرْهُ لِأَنَّهُ لَوْ كَفَّرَهُ لَقَتَلَهُ. وَقَوْلُهُ فِي مَعْنَى الْمُرْتَدِّ. يَعْنِي الِاسْتِتَابَةَ. وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: إنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الشَّيَاطِينَ تَفْعَلُ لَهُ مَا يَشَاءُ، كُفِّرَ، وَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ تَخْيِيلٌ لَمْ يُكَفَّرْ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إنْ اعْتَقَدَ مَا يُوجِبُ الْكُفْرَ، مِثْلَ التَّقَرُّبِ إلَى الْكَوَاكِبِ السَّبْعَةِ، وَأَنَّهَا تَفْعَلُ مَا يَلْتَمِسُ، أَوْ اعْتَقَدَ حِلَّ السِّحْرِ، كُفِّرَ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ نَطَقَ بِتَحْرِيمِهِ، وَثَبَتَ بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فُسِّقَ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست