responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 299
وَقَالَ تَعَالَى: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} [التوبة: 7]
«. وَلَمَّا نَقَضَتْ قُرَيْشٌ عَهْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، خَرَجَ إلَيْهِمْ، فَقَاتَلَهُمْ، وَفَتَحَ مَكَّةَ.» وَإِنْ نَقَضَ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ، فَسَكَتَ بَاقِيهمْ عَنْ النَّاقِضِ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ إنْكَارٌ، وَلَا مُرَاسَلَةُ الْإِمَامِ، وَلَا تَبَرُّؤٌ، فَالْكُلُّ نَاقِضُونَ «؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ لَمَّا هَادَنَ قُرَيْشًا، دَخَلَتْ خُزَاعَةُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَنُو بَكْرٍ مَعَ قُرَيْشٍ فَعَدَتْ بَنُو بَكْرٍ عَلَى خُزَاعَةَ، وَأَعَانَهُمْ بَعْضُ قُرَيْشٍ، وَسَكَتَ الْبَاقُونَ، فَكَانَ ذَلِكَ نَقْضَ عَهْدِهِمْ، وَسَارَ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَاتَلَهُمْ.» وَلِأَنَّ سُكُوتَهُمْ يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُمْ، كَمَا أَنَّ عَقْدَ الْهُدْنَةِ مَعَ بَعْضِهِمْ يَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُهُمْ؛ لِدَلَالَةِ سُكُوتِهِمْ عَلَى رِضَاهُمْ، كَذَلِكَ فِي النَّقْضِ.
وَإِنْ أَنْكَرَ مَنْ لَمْ يَنْقُضْ عَلَى النَّاقِضِ، بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ ظَاهِرٍ، أَوْ اعْتِزَالٍ، أَوْ رَاسَلَ الْإِمَامَ بِأَنِّي مُنْكِرٌ لِمَا فَعَلَهُ النَّاقِضُ، مُقِيمٌ عَلَى الْعَهْدِ، لَمْ يَنْتَقِضْ فِي حَقِّهِ، وَيَأْمُرُهُ الْإِمَامُ بِالتَّمَيُّزِ، لِيَأْخُذَ النَّاقِضَ وَحْدَهُ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ التَّمَيُّزِ، أَوْ إسْلَامِ النَّاقِضِ، صَارَ نَاقِضًا؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ مِنْ أَخْذِ النَّاقِضِ، فَصَارَ بِمَنْزِلَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّمَيُّزُ، لَمْ يَنْتَقِضْ عَهْدُهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْأَسِيرِ. فَإِنْ أَسَرَ الْإِمَامُ مِنْهُمْ قَوْمًا، فَادَّعَى الْأَسِيرُ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُضْ، وَأَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، قُبِلَ قَوْلُ الْأَسِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَصَّلُ إلَى ذَلِكَ إلَّا مِنْ قِبَلِهِ.

[فَصْلٌ خَافَ نَقْضَ الْعَهْدِ مِنْهُمْ أَهْل الذِّمَّة]
(7594) فَصْلٌ: وَإِنْ خَافَ نَقْضَ الْعَهْدِ مِنْهُمْ، جَازَ أَنْ يَنْبِذَ إلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: 58] . يَعْنِي أَعْلِمْهُمْ بِنَقْضِ عَهْدِهِمْ، حَتَّى تَصِيرَ أَنْتَ وَهُمْ سَوَاءٌ فِي الْعِلْمِ، وَلَا يَكْفِي وُقُوعُ ذَلِكَ فِي قَبُولِهِ، حَتَّى يَكُونَ عَنْ أَمَارَةٍ تَدُلُّ عَلَى مَا خَافَهُ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْدَأَهُمْ بِقِتَالٍ وَلَا غَارَةٍ قَبْلَ إعْلَامِهِمْ بِنَقْضِ الْعَهْدِ؛ لِلْآيَةِ، وَلِأَنَّهُمْ آمِنُونَ مِنْهُ بِحُكْمِ الْعَهْدِ، فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ، وَلَا أَخْذُ مَالِهِمْ. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قُلْتُمْ: إنَّ الذِّمِّيَّ إذَا خِيفَ مِنْهُ الْخِيَانَةُ، لَمْ يَنْتَقِضْ عَهْدُهُ. قُلْنَا: عَقْدُ الذِّمَّةِ آكَدُ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ إجَابَتُهُمْ إلَيْهِ، وَهُوَ نَوْعُ مُعَاوَضَةٍ، وَعَقْدٌ مُؤَبَّدٌ، بِخِلَافِ الْهُدْنَةِ وَالْأَمَانِ، وَلِهَذَا لَوْ نَقَضَ بَعْضُ أَهْلِ الذِّمَّةِ، لَمْ يَنْتَقِضْ عَهْدُ الْبَاقِينَ، بِخِلَافِ الْهُدْنَةِ، وَلِأَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ، وَتَجِبُ وِلَايَتُهُ، وَلَا يُخْشَى الضَّرَرُ كَثِيرًا مِنْ نَقْضِهِمْ، بِخِلَافِ أَهْلِ الْهُدْنَةِ، فَإِنَّهُ يُخَافُ مِنْهُمْ الْغَارَةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَالضَّرَرُ الْكَثِيرُ بِأَخْذِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ.

[فَصْلٌ مَنْ عَقَدَ الْهُدْنَةَ فَعَلَيْهِ حِمَايَتُهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ]
(7595) فَصْلٌ: وَإِذَا عَقَدَ الْهُدْنَةَ، فَعَلَيْهِ حِمَايَتُهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ آمَنَهُمْ مِمَّنْ هُوَ فِي قَبْضَتِهِ وَتَحْتَ يَدِهِ، كَمَا أَمَّنَ مَنْ فِي قَبْضَتِهِ مِنْهُمْ. وَمَنْ أَتْلَفَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَيْهِمْ شَيْئًا، فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ، وَلَا تَلْزَمُهُ حِمَايَتُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَلَا حِمَايَةُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ؛ لِأَنَّ الْهُدْنَةَ الْتِزَامُ الْكَفِّ عَنْهُمْ فَقَطْ.
فَإِنْ أَغَارَ عَلَيْهِمْ قَوْمٌ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 9  صفحه : 299
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست