responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 39
{فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [المجادلة: 4] . وَلِأَنَّهُ صَوْمٌ فِي كَفَّارَةٍ فَاسْتَوَى فِيهِ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ، كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ.
وَبِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ. وَلَا نَعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفًا، إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ: لَوْ صَامَ شَهْرًا، أَجْزَأَهُ. وَقَالَهُ النَّخَعِيُّ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ إلَى قَوْلِ الْجَمَاعَةِ.

[فَصْل الِاعْتِبَارُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ بِحَالَةِ الْوُجُوبِ]
(6222) فَصْلٌ: وَالِاعْتِبَارُ فِي الْكَفَّارَةِ بِحَالَةِ الْوُجُوبِ، فِي أَظْهَرْ الرِّوَايَتَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: إذَا حَنِثَ وَهُوَ عَبْدٌ، فَلَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى عَتَقَ، فَعَلَيْهِ الصَّوْمُ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهُ. وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَثْرَمُ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَلُ عَنْ عَبْدٍ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَحَنِثَ فِيهَا وَهُوَ عَبْدٌ، فَلَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى عَتَقَ، أَيُكَفِّرُ كَفَّارَةَ حُرٍّ أَوْ كَفَّارَةَ عَبْدٍ؟ قَالَ: يُكَفِّرُ كَفَّارَةَ عَبْدٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُكَفِّرُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ يَوْمَ حَنِثَ، لَا يَوْمَ حَلَفَ. قُلْت لَهُ: حَلَفَ وَهُوَ عَبْدٌ، وَحَنِثَ وَهُوَ حُرٌّ؟ قَالَ: يَوْمَ حَنِثَ. وَاحْتَجَّ فَقَالَ: افْتَرَى وَهُوَ عَبْدٌ أَيْ ثُمَّ أُعْتِقْ فَإِنَّمَا يُجْلَدُ جَلْدَ الْعَبْدِ. وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ.
فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يُعْتَبَرُ يَسَارُهُ وَإِعْسَارُهُ حَالَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا حَالَ الْوُجُوبِ، اسْتَقَرَّ وُجُوبُ الرَّقَبَةِ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَسْقُطْ بِإِعْسَارِهِ بَعْدَ ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، فَفَرْضُهُ الصَّوْمُ، فَإِذَا أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ، لَمْ يَلْزَمْهُ الِانْتِقَالُ إلَى الرَّقَبَةِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، الِاعْتِبَارُ بِأَغْلَظِ الْأَحْوَالِ مِنْ حِينِ الْوُجُوبِ إلَى حِينِ التَّكْفِيرِ، فَمَتَى وَجَدَ رَقَبَةً فِيمَا بَيْنَ الْوُجُوبِ إلَى حِينِ التَّكْفِيرِ، لَمْ يُجْزِئْهُ إلَّا الْإِعْتَاقُ. وَهَذَا قَوْلٌ ثَانٍ لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ بِوُجُودِ مَالٍ، فَاعْتُبِرَ فِيهِ أَغْلَظُ الْحَالَيْنِ كَالْحَجِّ. وَلَهُ قَوْلٌ ثَالِثٌ، أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالَةِ الْأَدَاءِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ بَدَلٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، فَكَانَ الِاعْتِبَارُ فِيهِ بِحَالَةِ الْأَدَاءِ، كَالْوُضُوءِ.
وَلَنَا أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ عَلَى وَجْهِ الطَّهَارَةِ، فَكَانَ الِاعْتِبَارُ فِيهَا بِحَالَةِ الْوُجُوبِ كَالْحَدِّ، أَوْ نَقُولُ: مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الصِّيَامُ فِي الْكَفَّارَةِ، لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُهُ، كَالْعَبْدِ إذَا أُعْتِقَ، وَيُفَارِقُ الْوُضُوءَ، فَإِنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ، بَطَلِ تَيَمُّمُهُ، وَهَاهُنَا لَوْ صَامَ، ثُمَّ قَدَرِ عَلَى الرَّقَبَةِ، لَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ، وَلَيْسَ الِاعْتِبَارُ فِي الْوُضُوءِ بِحَالَةِ الْأَدَاءِ، فَإِنَّ أَدَاءَهُ فِعْلُهُ، وَلَيْسَ الِاعْتِبَارُ بِهِ، وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ بِأَدَاءِ الصَّلَاةِ، وَهِيَ غَيْرُ الْوُضُوءِ. وَأَمَّا الْحَجُّ فَهُوَ عِبَادَةُ الْعُمْرِ، وَجَمِيعُهُ وَقْتٌ لَهَا، فَمَتَى قَدَرِ عَلَيْهِ فِي جُزْءٍ مِنْ وَقْتِهِ وَجَبَ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا. ثُمَّ يَبْطُلُ مَا ذَكَرُوهُ بِالْعَبْدِ إذَا أَعْتَقَ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ إلَى الْعِتْقِ مَعَ مَا ذَكَرُوهُ. فَإِنْ قِيلَ: الْعَبْدُ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الرَّقَبَةُ، وَلَا تُجْزِئُهُ، فَلَمَّا لَمْ تُجْزِئْهُ الزِّيَادَةُ، لَمْ تَلْزَمْهُ بِتَغَيُّرِ الْحَالِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا.
قُلْنَا: هَذَا لَا أَثَرَ لَهُ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 39
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست