responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 38
وَإِنَّمَا جَازَ فِطْرُهُ فِي السَّفَرِ رُخْصَةً، فَإِذَا تَكَلَّفَ وَصَامَ، رَجَعَ إلَى الْأَصْلِ.
فَإِنْ سَافَرَ فِي رَمَضَانَ الْمُتَخَلِّلِ لِصَوْمِ الْكَفَّارَةِ وَأُفْطِرَ، لَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ؛ لِأَنَّهُ زَمَنٌ لَا يَسْتَحِقُّ صَوْمَهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، فَلَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ بِفِطْرِهِ كَاللَّيْلِ.

[مَسْأَلَةٌ كَانَ الْمُظَاهِرُ عَبْدًا]
(6221) مَسْأَلَةٌ قَالَ: وَإِذَا كَانَ الْمُظَاهِرُ عَبْدًا، لَمْ يُكَفِّرْ إلَّا بِالصِّيَامِ، وَإِذَا صَامَ، فَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا شَهْرَانِ مُتَتَابِعَانِ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ ظِهَارَ الْعَبْدِ صَحِيحٌ وَكَفَّارَتَهُ بِالصِّيَامِ؛ لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [المجادلة: 4] . وَالْعَبْدُ لَا يَسْتَطِيعُ الْإِعْتَاقَ، فَهُوَ كَالْحُرِّ الْمُعْسِرِ، وَأَسْوَأُ مِنْهُ حَالًا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ الصِّيَامِ، سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التَّكْفِيرِ بِالْعِتْقِ، أَوْ لَمْ يَأْذَنْ.
وَحُكِيَ هَذَا عَنْ الْحَسَنِ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ. وَعَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ جَازَ. وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ؛ لِأَنَّهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ يَصِيرُ قَادِرًا عَلَى التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ، فَجَازَ لَهُ ذَلِكَ، كَالْحُرِّ. وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، يَجُوزُ لَهُ التَّكْفِيرُ بِالْإِطْعَامِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الصِّيَامِ. وَهَلْ لَهُ الْعِتْقُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا يَجُوزُ. وَحُكِيَ هَذَا عَنْ مَالِكٍ، وَقَالَ: أَرْجُو أَنْ يُجْزِئَهُ الْإِطْعَامُ. وَأَنْكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبُهُ، وَقَالَ: لَا يُجْزِئُهُ إلَّا الصِّيَامُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعِتْقَ يَقْتَضِي الْوَلَاءَ، وَالْوِلَايَةَ، وَالْإِرْثَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْعَبْدِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، لَهُ الْعِتْقُ. وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ.
وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ؛ لِأَنَّ مَنْ صَحَّ تَكْفِيرُهُ بِالْإِطْعَامِ، صَحَّ بِالْعِتْقِ، وَلَا يَمْتَنِعُ صِحَّةُ الْعِتْقِ مَعَ انْتِفَاءِ الْإِرْثِ. كَمَا لَوْ أَعْتَقَ مَنْ يُخَالِفُهُ فِي دِينِهِ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْعِتْقِ إسْقَاطُ الْمِلْكِيَّةِ عَنْ الْعَبْدِ، وَتَمْلِيكُهُ نَفْعَ نَفْسِهِ، وَخُلُوصُهُ مِنْ ضَرَرِ الرِّقِّ، وَمَا يَحْصُلُ مِنْ تَوَابِعِ ذَلِكَ لَيْسَ هُوَ الْمَقْصُودَ، فَلَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّتِهِ مَا يَحْصُلُ مِنْهُ الْمَقْصُودُ، لِامْتِنَاعِ بَعْضِ تَوَابِعِهِ. وَوَجْهُ الْأُولَى، أَنَّ الْعَبْدَ مَالٌ، لَا يَمْلِكُ الْمَالَ، فَيَقَعُ تَكْفِيرُهُ بِالْمَالِ بِمَالِ غَيْرِهِ، فَلَمْ يُجْزِئْهُ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَ غَيْرِهِ عَنْ كَفَّارَتِهِ. وَعَلَى كِلْتَا الرِّوَايَتَيْنِ، لَا يَلْزَمُهُ التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ الصِّيَامُ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُهُ، كَمَا لَوْ أَذِنَ مُوسِرٌ لِحُرٍّ مُعْسِرٍ فِي التَّكْفِيرِ مِنْ مَالِهِ.
وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الصِّيَامِ، فَأَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التَّكْفِيرِ بِمَا شَاءَ مِنْ الْعِتْقِ وَالْإِطْعَامِ، فَإِنَّ لَهُ التَّكْفِيرَ بِالْإِطْعَامِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يَلْزَمُهُ الْإِعْتَاقُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الصِّيَامِ، لَا يَلْزَمُهُ مَعَ عَجْزِهِ عَنْهُ، كَالْحُرِّ الْمُعْسِرِ، وَلِأَنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا فِي الْتِزَامِ الْمِنَّةِ الْكَبِيرَةِ فِي قَبُولِ الرَّقَبَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الطَّعَامِ؛ لِقِلَّةِ الْمِنَّةِ فِيهِ. وَهَذَا فِيمَا إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التَّكْفِيرِ قَبْلَ الْعَوْدِ، فَإِنْ عَادَ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التَّكْفِيرِ، انْبَنِي مَعَ ذَلِكَ عَلَى أَصْلٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ التَّكْفِيرَ هَلْ هُوَ مُعْتَبَرٌ بِحَالَةِ الْوُجُوبِ، أَوْ بِأَغْلَظِ الْأَحْوَالِ؟ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -. وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، فَإِذَا صَامَ، لَا يُجْزِئُهُ إلَّا شَهْرَانِ مُتَتَابِعَانِ؛ لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى:

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 38
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست