responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 18
وَجُمْلَتُهُ، أَنَّ الظِّهَارَ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ يَصِحُّ، سَوَاءٌ قَالَ ذَلِكَ لَامْرَأَةٍ بِعَيْنِهَا، أَوْ قَالَ: كُلُّ النِّسَاءِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. وَسَوَاءٌ أَوْقَعَهُ مُطْلَقًا، أَوْ عَلَّقَهُ عَلَى التَّزْوِيجِ، فَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا، فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. وَمَتَى تَزَوَّجَ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا، لَمْ يَطَأْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ. يُرْوَى نَحْوُ هَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ، وَعَطَاءٌ، وَالْحَسَنُ، وَمَالِكٌ، وَإِسْحَاقُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَثْبُتَ حُكْمُ الظِّهَارِ قَبْلَ التَّزْوِيجِ. وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ.
وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] . وَالْأَجْنَبِيَّةُ لَيْسَتْ مِنْ نِسَائِهِ، وَلِأَنَّ الظِّهَارَ يَمِينٌ وَرَدَ الشَّرْعُ بِحُكْمِهَا مُقَيَّدًا بِنِسَائِهِ، فَلَمْ يَثْبُتْ حُكْمُهَا فِي الْأَجْنَبِيَّةِ، كَالْإِيلَاءِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] . كَمَا قَالَ: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ، فَلَمْ يَصِحَّ الظِّهَارُ مِنْهَا، كَأَمَتِهِ، وَلِأَنَّهُ حَرَّمَ مُحَرَّمَةً، فَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ حَرَامٌ. وَلِأَنَّهُ نَوْعُ تَحْرِيمٍ، فَلَمْ يَتَقَدَّمْ النِّكَاحَ، كَالطَّلَاقِ.
وَلَنَا مَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ، فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. فَتَزَوَّجَهَا. قَالَ: عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ. وَلِأَنَّهَا يَمِينٌ مُكَفَّرَةٌ، فَصَحَّ انْعِقَادُهَا قَبْلَ النِّكَاحِ، كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى. أَمَّا الْآيَةُ، فَإِنَّ التَّخْصِيصَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ؛ فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يُظَاهِرُ مِنْ نِسَائِهِ، فَلَا يُوجِبُ تَخْصِيصَ الْحُكْمِ بِهِنَّ، كَمَا أَنْ تَخْصِيصَ الرَّبِيبَةِ الَّتِي فِي حِجْرِهِ بِالذِّكْرِ، لَمْ يُوجِبْ اخْتِصَاصَهَا بِالتَّحْرِيمِ، وَأَمَّا الْإِيلَاءُ، فَإِنَّمَا اخْتَصَّ حُكْمُهُ بِنِسَائِهِ؛ لِكَوْنِهِ يَقْصِدُ الْإِضْرَارَ بِهِنَّ دُونَ غَيْرِهِنَّ وَالْكَفَّارَةُ وَجَبَتْ هَاهُنَا لِقَوْلِ الْمُنْكَرِ وَالزُّورِ، وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِنِسَائِهِ، وَيُفَارِقُ الظِّهَارُ الطَّلَاقَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا، أَنَّ الطَّلَاقَ حَلُّ قَيْدِ النِّكَاحِ، وَلَا يُمْكِنُ حَلُّهُ قَبْلَ عَقْدِهِ وَالظِّهَارُ تَحْرِيمٌ لِلْوَطْءِ، فَيَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْعَقْدِ كَالْحَيْضِ. الثَّانِي، أَنَّ الطَّلَاقَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْبِقَهُ، وَهَذَا لَا يَرْفَعُهُ، وَإِنَّمَا تَتَعَلَّقُ الْإِبَاحَةُ عَلَى شَرْطٍ، فَجَازَ تَقَدُّمُهُ.
وَأَمَّا الظِّهَارُ مِنْ الْأَمَةِ، فَقَدْ انْعَقَدَ يَمِينًا وَجَبَتْ بِهِ الْكَفَّارَةُ، وَلَمْ تَجِبْ بِهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ امْرَأَةً لَهُ حَالَ التَّكْفِيرِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا.

[فَصْلٌ قَالَ كُلّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ تَزَوَّجَ نِسَاءً وَأَرَادَ الْعَوْدَ]
(6189) فَصْلٌ: وَإِذَا قَالَ: كُلّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا، فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. ثُمَّ تَزَوَّجَ نِسَاءً وَأَرَادَ الْعَوْدَ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 18
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست