responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 17
الْكَفَّارَةَ بَعْدَ الْعَوْدِ قَبْلَ التَّمَاسِّ، وَمَا حَرُمَ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ، لَا يَجُوزُ كَوْنُهُ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهَا، وَلِأَنَّهُ قَصَدَ بِالظِّهَارِ تَحْرِيمَهَا، فَالْعَزْمُ عَلَى وَطْئِهَا عَوْدٌ فِيمَا قَصَدَهُ، وَلِأَنَّ الظِّهَارَ تَحْرِيمٌ، فَإِذَا أَرَادَ اسْتِبَاحَتَهَا، فَقَدْ رَجَعَ فِي ذَلِكَ التَّحْرِيمِ، فَكَانَ عَائِدًا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْعَوْدُ إمْسَاكُهَا بَعْدَ ظِهَارِهِ زَمَنًا يُمْكِنُهُ طَلَاقُهَا فِيهِ؛ لِأَنَّ ظِهَارَهُ مِنْهَا يَقْتَضِي إبَانَتَهَا، فَإِمْسَاكُهَا عَوْدٌ فِيمَا قَالَ. وَقَالَ دَاوُد: الْعَوْدُ، تَكْرَارُ الظِّهَارِ مَرَّةً ثَانِيَةً؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ فِي الشَّيْءِ إعَادَتُهُ. وَلَنَا أَنَّ الْعَوْدَ فِعْلُ ضِدِّ قَوْلِهِ، وَمِنْهُ الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ، هُوَ الرَّاجِعُ فِي الْمَوْهُوبِ، وَالْعَائِدُ فِي عِدَتِهِ، التَّارِكُ لِلْوَفَاءِ بِمَا وَعَدَ، وَالْعَائِدُ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ فَاعِلُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [المجادلة: 8] . فَالْمُظَاهِرُ مُحَرِّمٌ لِلْوَطْءِ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَانِعٌ لَهَا مِنْهُ، فَالْعَوْدُ فِعْلُهُ.
وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الْعَوْدَ يَتَقَدَّمُ التَّكْفِيرَ، وَالْوَطْءَ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ. قُلْنَا: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ يَعُودُونَ. أَيْ يُرِيدُونَ الْعَوْدَ، كَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] . أَيْ أَرَدْتُمْ ذَلِكَ. وقَوْله تَعَالَى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} [النحل: 98] . فَإِنْ قِيلَ: فَهَذَا تَأْوِيلٌ، ثُمَّ هُوَ رُجُوعٌ إلَى إيجَابِ الْكَفَّارَةِ بِالْعَزْمِ الْمُجَرَّدِ. قُلْنَا: دَلِيلُ التَّأْوِيلِ، مَا ذَكَرْنَا. وَأَمَّا الْأَمْرُ بِالْكَفَّارَةِ عِنْدَ الْعَزْمِ فَإِنَّمَا أَمَرَ بِهَا شَرْطًا لِلْحِلِّ، كَالْأَمْرِ بِالطَّهَارَةِ لِمَنْ أَرَادَ صَلَاةَ النَّافِلَةِ، وَالْأَمْرِ بِالنِّيَّةِ لِمَنْ أَرَادَ الصِّيَامَ.
فَأَمَّا الْإِمْسَاكُ فَلَيْسَ بِعَوْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْدٍ فِي الظِّهَارِ الْمُؤَقَّتِ، فَكَذَلِكَ فِي الْمُطْلَقِ، وَلِأَنَّ الْعَوْدَ فِعْلُ ضِدِّ مَا قَالَهُ، وَالْإِمْسَاكُ لَيْسَ بِضِدٍّ لَهُ، وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الظِّهَارَ يَقْتَضِي إبَانَتَهَا. لَا يَصِحُّ، وَإِنَّمَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَهَا وَاجْتِنَابَهَا، وَلِذَلِكَ صَحَّ تَوْقِيتُهُ، وَلِأَنَّهُ قَالَ: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: 3] . وَثُمَّ لِلتَّرَاخِي، وَالْإِمْسَاكُ غَيْرُ مُتَرَاخٍ. وَأَمَّا قَوْلُ دَاوُد فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَوْسًا وَسَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ بِالْكَفَّارَةِ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ اللَّفْظِ، وَلِأَنَّ الْعَوْدَ إنَّمَا هُوَ فِي مَقُولِهِ دُونَ قَوْلِهِ، كَالْعَوْدِ فِي الْهِبَةِ وَالْعِدَةِ، وَالْعَوْدِ لِمَا نُهِيَ عَنْهُ، وَيَدُلُّ عَلَى إبْطَالِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ كُلِّهَا أَنَّ الظِّهَارَ يَمِينٌ مُكَفَّرَةٌ، فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ إلَّا بِالْحِنْثِ فِيهَا، وَهُوَ فِعْلُ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ، وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِذَلِكَ كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ، وَلِأَنَّهَا يَمِينٌ تَقْتَضِي تَرْكَ الْوَطْءِ، فَلَا تَجِبُ كَفَّارَتُهَا إلَّا بِهِ، كَالْإِيلَاءِ.

[مَسْأَلَةٌ الظِّهَارَ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ]
(6188) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَةِ أَجْنَبِيَّةٍ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَمِّي. لَمْ يَطَأْهَا إنْ تَزَوَّجَهَا حَتَّى يَأْتِيَ بِالْكَفَّارَةِ)

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 17
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست