responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 7  صفحه : 79
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَانْعَقَدَ بِهِ نِكَاحُ أُمَّتِهِ، كَلَفْظِ الْإِنْكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ؛ وَلِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ بِمَجَازِهِ، فَوَجَبَ تَصْحِيحُهُ، كَإِيقَاعِ الطَّلَاقِ بِالْكِنَايَاتِ.
وَلَنَا قَوْله تَعَالَى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 50] . فَذَكَرَ ذَلِكَ خَالِصًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وَلِأَنَّهُ لَفْظٌ يَنْعَقِدُ بِهِ غَيْرُ النِّكَاحِ فَلَمْ يَنْعَقِدْ بِهِ النِّكَاحُ، كَلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَالْإِبَاحَةِ وَالْإِحْلَالِ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي النِّكَاحِ، فَلَا يَنْعَقِدُ بِهِ، كَاَلَّذِي ذَكَرْنَا؛ وَهَذَا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ شَرْطٌ فِي النِّكَاحِ، وَالْكِنَايَةُ إنَّمَا تُعْلَمُ بِالنِّيَّةِ، وَلَا يُمْكِنُ الشَّهَادَةُ عَلَى النِّيَّةِ، لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِمْ عَلَيْهَا، فَيَجِبُ أَنْ لَا يَنْعَقِدَ، وَبِهَذَا فَارَقَ بَقِيَّةَ الْعُقُودِ وَالطَّلَاقَ.
وَأَمَّا الْخَبَرُ، فَقَدْ رُوِيَ: " زَوَّجْتُكَهَا " وَ " أَنْكَحْتُكَهَا " وَ " زَوَّجْنَاكَهَا ". مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ. وَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّاوِيَ رَوَى بِالْمَعْنَى ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ مَعْنَاهَا وَاحِدٌ، فَلَا تَكُونُ حُجَّةً، وَإِنْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ، فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ انْعَقَدَ بِأَحَدِهَا، وَالْبَاقِي فَضْلَةٌ.

[فَصْلٌ مَنْ قَدَرَ عَلَى لَفْظِ النِّكَاحِ بِالْعَرَبِيَّةِ لَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِهَا]
(5292) فَصْلٌ: وَمَنْ قَدَرَ عَلَى لَفْظِ النِّكَاحِ بِالْعَرَبِيَّةِ، لَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِهَا. وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِلَفْظِهِ الْخَاصِّ، فَانْعَقَدَ بِهِ، كَمَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْعَرَبِيَّةِ. وَلَنَا، أَنَّهُ عَدَلَ عَنْ لَفْظِ الْإِنْكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ مَعَ الْقُدْرَةِ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَلَفْظِ الْإِحْلَالِ. فَأَمَّا مَنْ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ، فَيَصِحُّ مِنْهُ عَقْدُ النِّكَاحِ بِلِسَانِهِ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَمَّا سِوَاهُ، فَسَقَطَ عَنْهُ كَالْأَخْرَسِ، وَيَحْتَاجُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَعْنَاهُمَا الْخَاصِّ، بِحَيْثُ يَشْتَمِلُ عَلَى مَعْنَى اللَّفْظِ الْعَرَبِيِّ.
وَلَيْسَ عَلَى مَنْ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ تَعَلُّمُ أَلْفَاظِ النِّكَاحِ بِهَا. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ؛ لِأَنَّ مَا كَانَتْ الْعَرَبِيَّةُ شَرْطًا فِيهِ، لَزِمَهُ أَنْ يَتَعَلَّمَهَا مَعَ الْقُدْرَةِ، كَالتَّكْبِيرِ. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ النِّكَاحَ غَيْرُ وَاجِبٍ، فَلَمْ يَجِبْ تَعَلُّمُ أَرْكَانِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ كَالْبَيْعِ، بِخِلَافِ التَّكْبِيرِ. فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ دُونَ الْآخَرِ، أَتَى الَّذِي يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ بِهَا، وَالْآخَرُ يَأْتِي بِلِسَانِهِ. فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يُحْسِنُ لِسَانَ الْآخَرِ، احْتَاجَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّفْظَةَ الَّتِي أَتَى بِهَا صَاحِبُهُ لَفْظَةُ الْإِنْكَاحِ، بِأَنْ يُخْبِرَهُ بِذَلِكَ ثِقَةٌ يَعْرِفُ اللِّسَانَيْنِ جَمِيعًا.

[فَصْلٌ الْأَخْرَسُ إنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ صَحَّ نِكَاحُهُ بِهَا]
(5293) فَصْلٌ: فَأَمَّا الْأَخْرَسُ فَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ صَحَّ نِكَاحُهُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ مَعْنَى لَا يُسْتَفَادُ إلَّا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، فَصَحَّ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 7  صفحه : 79
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست