responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 7  صفحه : 417
الضَّرْبُ الثَّانِي، مَا يُقْبَلُ لَفْظًا، وَلَا يُقْبَلُ نِيَّةً، لَا فِي الْحُكْمِ وَلَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ اسْتِثْنَاءُ الْأَقَلِّ، فَهَذَا يَصِحُّ لَفْظًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ، وَلَا يَصِحُّ بِالنِّيَّةِ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا. وَيَسْتَثْنِيَ بِقَلْبِهِ: إلَّا وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ. فَهَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ نَصٌّ فِيمَا تَنَاوَلَهُ، لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ، فَلَا يَرْتَفِعُ بِالنِّيَّةِ مَا ثَبَتَ بِنَصِّ اللَّفْظِ، فَإِنَّ اللَّفْظَ أَقْوَى مِنْ النِّيَّةِ، وَلَوْ نَوَى بِالثَّلَاثِ اثْنَتَيْنِ، كَانَ مُسْتَعْمِلًا لِلَّفْظِ فِي غَيْرِ مَا يَصْلُحُ لَهُ فَوَقَعَ مُقْتَضَى اللَّفْظِ، وَلَغَتْ نِيَّتُهُ.
وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، أَنَّهُ يُقْبَلُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا لَوْ قَالَ: نِسَائِي طَوَالِقُ. وَاسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ: إلَّا فُلَانَةَ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ نِسَائِي اسْمٌ عَامٌّ يَجُوزُ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْ بَعْضِ مَا وُضِعَ لَهُ، وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ الْعُمُومُ بِإِزَاءِ الْخُصُوصِ كَثِيرًا، فَإِذَا أَرَادَ بِهِ الْبَعْضَ صَحَّ، وَقَوْلُهُ: ثَلَاثًا. اسْمُ عَدَدٍ لِلثَّلَاثِ، لَا يَجُوزُ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْ عَدَدِ غَيْرِهَا، وَلَا يَحْتَمِلُ سِوَاهَا بِوَجْهٍ، فَإِذَا أَرَادَ بِذَلِكَ اثْنَتَيْنِ، فَقَدْ أَرَادَ بِاللَّفْظِ مَالًا يَحْتَمِلُهُ، وَإِنَّمَا تَعْمَلُ النِّيَّةُ فِي صَرْفِ اللَّفْظِ الْمُحْتَمِلِ إلَى أَحَدِ مُحْتَمَلَاتِهِ، فَأَمَّا مَا لَا يَحْتَمِلُ فَلَا، فَإِنَّا لَوْ عَمِلْنَا بِهِ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ، كَانَ عَمَلًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، وَمُجَرَّدُ النِّيَّةِ لَا تَعْمَلُ فِي نِكَاحٍ، وَلَا طَلَاقٍ، وَلَا بَيْعٍ. وَلَوْ قَالَ: نِسَائِي الْأَرْبَعُ طَوَالِقُ. أَوْ قَالَ لَهُنًّ: أَرْبَعَتُكُنَّ طَوَالِقُ. وَاسْتَثْنَى بَعْضَهُنَّ بِالنِّيَّةِ،
لَمْ يُقْبَلْ، عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَلَا يَدِينِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ عَنَى بِاللَّفْظِ مَا لَا يَحْتَمِلُ. الضَّرْبُ الثَّالِثُ، مَا يَصِحُّ نُطْقًا، وَإِذَا نَوَاهُ دُيِّنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ مِثْلُ تَخْصِيصِ اللَّفْظِ الْعَامِ، أَوْ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي مَجَازِهِ، مِثْلُ قَوْلِهِ: نِسَائِي طَوَالِقُ. يُرِيدُ بَعْضَهُنَّ، أَوْ يَنْوِي بِقَوْلِهِ: طَوَالِقُ. أَيْ مِنْ وَثَاقٍ، فَهَذَا يُقْبَلُ إذَا كَانَ لَفْظًا. وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ كَلَامَهُ بِمَا بَيَّنَ مُرَادَهُ، وَإِنْ كَانَ بِنِيَّتِهِ، قُبِلَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ تَخْصِيصَ اللَّفْظِ الْعَامِ، وَاسْتِعْمَالَهُ فِي الْخُصُوصِ، وَهَذَا سَائِغٌ فِي اللُّغَةِ، شَائِعٌ فِي الْكَلَامِ، فَلَا يُمْنَعُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ وَالتَّكَلُّمِ بِهِ، وَيَكُونُ اللَّفْظُ بِنِيَّتِهِ مُنْصَرِفًا إلَى مَا أَرَادَهُ، دُونَ مَا لَمْ يُرِدْهُ.
وَهَلْ يُقْبَلُ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ؛: إحْدَاهُمَا، يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ فَسَّرَ كَلَامَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ، فَصَحَّ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ. وَأَرَادَ بِالثَّانِيَةِ إفْهَامَهَا. وَالثَّانِيَةُ، لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
وَمِنْ شَرْطِ هَذَا أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ مُقَارِنَةً لِلَّفْظِ، وَهُوَ أَنْ يَقُولُ: نِسَائِي طَوَالِقُ. يَقْصِدُ بِهَذَا اللَّفْظِ بَعْضَهُنَّ، فَأَمَّا إنْ كَانَتْ النِّيَّةُ مُتَأَخِّرَةً عَنْ اللَّفْظِ، فَقَالَ: نِسَائِي طَوَالِقُ. ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ نَوَى بِقَلْبِهِ بَعْضَهُنَّ، لَمْ تَنْفَعْهُ النِّيَّةُ، وَوَقَعَ الطَّلَاقُ بِجَمِيعِهِنَّ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 7  صفحه : 417
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست