responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 7  صفحه : 386
سُبْحَانَهُ {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا} [الأحزاب: 28] وَقَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ أَصَحُّ؛ فَإِنَّ الصَّرِيحَ فِي الشَّيْءِ مَا كَانَ نَصَّا فِيهِ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ، إلَّا احْتِمَالًا بَعِيدًا، وَلَفْظَةُ الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ إنْ وَرَدَا فِي الْقُرْآنِ بِمَعْنَى الْفُرْقَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، فَقَدْ وَرَدَا لِغَيْرِ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَفِي الْعُرْفِ كَثِيرًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103] وَقَالَ {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [البينة: 4] فَلَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِهِ بِفُرْقَةِ الطَّلَاقِ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2] لَمْ يُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ، وَإِنَّمَا هُوَ تَرْكُ ارْتِجَاعِهَا، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]
وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى لَفْظِ الطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ مُخْتَصٌّ بِذَلِكَ، سَابِقٌ إلَى الْأَفْهَامِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ وَلَا دَلَالَةٍ، بِخِلَافِ الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ. فَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ، إذَا قَالَ: طَلَّقْتُك، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ مُطَلَّقَةٌ. وَقَعَ الطَّلَاقُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ. وَإِنْ قَالَ: فَارَقْتُك. أَوْ: أَنْتِ مُفَارَقَةٌ، أَوْ سَرَّحْتُك، أَوْ أَنْتِ مُسَرَّحَةٌ. فَمَنْ يَرَاهُ صَرِيحًا أَوْقَعَ بِهِ الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، وَمَنْ لَمْ يَرَهُ صَرِيحًا لَمْ يُوقِعْهُ بِهِ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ.
فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت بِقَوْلِي: فَارَقْتُك أَيْ بِجِسْمِي، أَوْ بِقَلْبِي أَوْ بِمَذْهَبِي، أَوْ سَرَّحْتُك مِنْ يَدِي، أَوْ شُغْلِي، أَوْ مِنْ حَبْسِي، أَوْ أَيْ سَرَّحْت شَعْرَك. قُبِلَ قَوْلُهُ. وَإِنْ قَالَ: أَرَدْت بِقَوْلِي: أَنْتِ طَالِقٌ أَيْ: مِنْ وَثَاقِي. أَوْ قَالَ: أَرَدْت أَنْ أَقُولُ: طَلَبْتُك. فَسَبَقَ لِسَانِي، فَقُلْت: طَلَّقْتُك. وَنَحْوُ ذَلِكَ، دُيِّنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَمَتَى عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ، لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا خِلَافَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ: اسْقِينِي مَاءً. فَسَبَقَ لِسَانُهُ فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ حُرَّةٌ. أَنَّهُ لَا طَلَاقَ فِيهِ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْهُ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ، فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ غَيْرُ مَا فِي قَلْبِهِ، فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ فِيهِ وَاسِعًا.
وَهَلْ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ فِي الْحُكْمِ؟ يُنْظَرُ؛ فَإِنْ كَانَ فِي حَالِ الْغَضَبِ، أَوْ سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ، لَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ ظَاهِرٌ فِي الطَّلَاقِ، وَقَرِينَةُ حَالِهِ تَدُلُّ عَلَيْهِ، فَكَانَتْ دَعْوَاهُ مُخَالِفَةً لِلظَّاهِرِ مِنْ وَجْهَيْنِ، فَلَا تُقْبَلُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي هَذِهِ الْحَالِ فَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَأَبِي الْحَارِثِ، أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ. وَهُوَ قَوْلُ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالْحَكَمِ، حَكَاهُ عَنْهُمْ أَبُو حَفْصٍ؛ لِأَنَّهُ فَسَّرَ كَلَامَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ احْتِمَالًا غَيْرَ بَعِيدٍ، فَقِيلَ: كَمَا لَوْ قَالَ؛ أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ. وَقَالَ: أَرَدْت بِالثَّانِيَةِ إفْهَامَهَا. وَقَالَ الْقَاضِي: فِيهِ رِوَايَتَانِ، هَذِهِ الَّتِي ذَكَرْنَا، قَالَ: وَهِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ. وَالثَّانِيَةُ، لَا يُقْبَلُ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ الظَّاهِرُ فِي الْعُرْف، فَلَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِعَشْرَةِ، ثُمَّ قَالَ: زُيُوفًا، أَوْ صِغَارًا، أَوْ إلَى شَهْرٍ.
فَأَمَّا إِنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي اللَّفْظِ، فَقَالَ: طَلَّقْتُك

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 7  صفحه : 386
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست