responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 7  صفحه : 318
[مَسْأَلَةٌ ظَهَرَ مِنْهَا مَا يَخَافُ مَعَهُ نُشُوزهَا]
(5740) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا ظَهَرَ مِنْهَا مَا يَخَافُ مَعَهُ نُشُوزَهَا وَعَظَهَا، فَإِنْ أَظْهَرَتْ نُشُوزًا هَجَرَهَا، فَإِنْ أَرْدَعَهَا، وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يَضْرِبَهَا ضَرْبًا لَا يَكُونُ مُبَرِّحًا) مَعْنَى النُّشُوزِ مَعْصِيَةُ الزَّوْجِ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهَا مِنْ طَاعَتِهِ، مَأْخُوذٌ مِنْ النَّشْزِ، وَهُوَ الِارْتِفَاعُ، فَكَأَنَّهَا ارْتَفَعَتْ وَتَعَالَتْ عَمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهَا مِنْ طَاعَتِهِ، فَمَتَى ظَهَرَتْ مِنْهَا أَمَارَاتُ النُّشُوزِ، مِثْلُ أَنْ تَتَثَاقَلَ وَتُدَافِعَ إذَا دَعَاهَا، وَلَا تَصِيرَ إلَيْهِ إلَّا بِتَكَرُّهٍ وَدَمْدَمَةٍ، فَإِنَّهُ يَعِظُهَا، فَيُخَوِّفُهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَيَذْكُرُ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ عَلَيْهَا مِنْ الْحَقِّ وَالطَّاعَةِ، وَمَا يَلْحَقُهَا مِنْ الْإِثْمِ بِالْمُخَالَفَةِ وَالْمَعْصِيَةِ، وَمَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ مِنْ حُقُوقِهَا، مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ، وَمَا يُبَاحُ لَهُ مِنْ ضَرْبِهَا وَهَجْرِهَا؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} [النساء: 34] فَإِنْ أَظْهَرَتْ النُّشُوزَ، وَهُوَ أَنْ تَعْصِيَهُ، وَتَمْتَنِعَ مِنْ فِرَاشِهِ، أَوْ تَخْرُجَ مِنْ مَنْزِلِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَلَهُ أَنْ يَهْجُرَهَا فِي الْمَضْجَعِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء: 34] .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا تُضَاجِعْهَا فِي فِرَاشِك. فَأَمَّا الْهِجْرَانُ فِي الْكَلَامِ، فَلَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ضَرْبُهَا فِي النُّشُوزِ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ إذَا عَصَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا، فَلَهُ ضَرْبُهَا ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ. فَظَاهِرُ هَذَا إبَاحَةُ ضَرْبِهَا بِأَوَّلِ مَرَّةٍ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34] . وَلِأَنَّهَا صَرَّحَتْ بِالْمَنْعِ فَكَانَ لَهُ ضَرْبُهَا، كَمَا لَوْ أَصَرَّتْ وَلِأَنَّ عُقُوبَاتِ الْمَعَاصِي لَا تَخْتَلِفُ بِالتَّكْرَارِ وَعَدَمِهِ، كَالْحُدُودِ وَوَجْهُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ الْمَقْصُودُ زَجْرُهَا عَنْ الْمَعْصِيَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَمَا هَذَا سَبِيلُهُ يُبْدَأُ فِيهِ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ، كَمَنْ هُجِمَ مَنْزِلُهُ فَأَرَادَ إخْرَاجَهُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} [النساء: 34] الْآيَةَ، فَفِيهَا إضْمَارٌ تَقْدِيرُهُ وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ، فَإِنْ نَشَزْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ، فَإِنْ أَصْرَرْنَ فَاضْرِبُوهُنَّ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المائدة: 33] وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى هَذَا أَنَّهُ رَتَّبَ هَذِهِ الْعُقُوبَاتِ عَلَى خَوْفِ النُّشُوزِ؛ وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يَضْرِبُهَا لِخَوْفِ النُّشُوزِ قَبْلَ إظْهَارِهِ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ كَهَذَيْنِ فَإِنْ لَمْ تَرْتَدِعْ بِالْوَعْظِ وَالْهَجْرِ، فَلَهُ ضَرْبُهَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34] وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ.» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَمَعْنَى " غَيْرَ مُبَرِّحٍ " أَيْ لَيْسَ بِالشَّدِيدِ. قَالَ الْخَلَّالُ: سَأَلْت أَحْمَدَ بْنَ يَحْيَى عَنْ قَوْلِهِ: " ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ " قَالَ: غَيْرَ شَدِيدٍ. وَعَلَيْهِ أَنْ يَجْتَنِبَ الْوَجْهَ وَالْمَوَاضِعَ الْمَخُوفَةَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 7  صفحه : 318
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست