responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 7  صفحه : 312
لَوْ كَانَتْ مُنْفَرِدَةً. وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ «سَوْدَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَوْمَهَا وَيَوْمَ سَوْدَةَ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الزَّمَانِ وَفِي بَعْضِهِ، فَإِنَّ سَوْدَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا فِي جَمِيعِ زَمَانِهَا. وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَدَ عَلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ فِي شَيْءٍ، فَقَالَتْ صَفِيَّةُ لِعَائِشَةَ: هَلْ لَك أَنْ تُرْضِي عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَك يَوْمِي؟ فَأَخَذَتْ خِمَارًا مَصْبُوغًا بِزَعْفَرَانَ، فرشته لِيَفُوحَ رِيحُهُ، ثُمَّ اخْتَمَرَتْ بِهِ، وَقَعَدَتْ إلَى جَنْبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: إلَيْك يَا عَائِشَةُ، إنَّهُ لَيْسَ يَوْمَك. قَالَتْ: ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ. فَأَخْبَرَتْهُ بِالْأَمْرِ، فَرَضِيَ عَنْهَا.» فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنْ وَهَبَتْ لَيْلَتَهَا لِجَمِيعِ ضَرَائِرِهَا، صَارَ الْقَسْمُ بَيْنَهُنَّ كَمَا لَوْ طَلَّقَ الْوَاهِبَةَ.
وَإِنْ وَهَبَتْهَا لِلزَّوْجِ، فَلَهُ جَعْلُهُ لِمَنْ شَاءَ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْبَاقِيَاتِ فِي ذَلِكَ، إنْ شَاءَ جَعَلَهُ لِلْجَمِيعِ، وَإِنْ شَاءَ خَصَّ بِهَا وَاحِدَةً مِنْهُنَّ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَ لَبَعْضِهِنَّ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ. وَإِنْ وَهَبَتْهَا لَوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَفِعْلِ سَوْدَةَ، جَازَ. ثُمَّ إنْ كَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ تَلِي لَيْلَةَ الْمَوْهُوبَةِ، وَإِلَى بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَلِيهَا، لَمْ يَجُزْ لَهُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَهُمَا، إلَّا بِرِضَى الْبَاقِيَاتِ، وَيَجْعَلُهَا لَهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ لِلْوَاهِبَةِ؛ وَلِأَنَّ الْمَوْهُوبَةَ قَامَتْ مَقَامَ الْوَاهِبَةِ فِي لَيْلَتِهَا، فَلَمْ يَجُزْ تَغْيِيرُهَا عَنْ مَوْضِعِهَا، كَمَا لَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً لِلْوَاهِبَةِ، وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَأْخِيرَ حَقِّ غَيْرِهَا، وَتَغْيِيرًا لِلَيْلَتِهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا، فَلَمْ يَجُزْ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا وَهَبَتْهَا لِلزَّوْجِ، فَآثَرَ بِهَا امْرَأَةً مِنْهُنَّ بِعَيْنِهَا.
وَفِيهِ وَجْهٌ آخِرُ، إنَّهُ يَجُوزُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ اللَّيْلَتَيْنِ؛ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي التَّفْرِيقِ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيهِ فَائِدَةً، فَلَا يَجُوزُ اطِّرَاحُهَا. وَمَتَى رَجَعَتْ الْوَاهِبَةُ فِي لَيْلَتِهَا، فَلَهَا ذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ لَمْ تُقْبَضْ، وَلَيْسَ لَهَا الرُّجُوعُ فِيمَا مَضَى؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَقْبُوضِ. وَلَوْ رَجَعَتْ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ، كَانَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَيْهَا، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى أَتَمَّ اللَّيْلَةَ، لَمْ يَقْضِ لَهَا شَيْئًا؛ لِأَنَّ التَّفْرِيطَ مِنْهَا.
(5729) فَصْلٌ: فَإِنْ بَذَلَتْ لَيْلَتَهَا بِمَالٍ، لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا فِي كَوْنِ الزَّوْجِ عِنْدَهَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَالٍ، فَلَا يَجُوزُ مُقَابَلَتُهُ بِمَالٍ، فَإِذَا أَخَذَتْ عَلَيْهِ مَالًا، لَزِمَهَا رَدُّهُ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ لَهَا، لِأَنَّهَا تَرَكَتْهُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ، وَلَمْ يَسْلَمْ لَهَا، وَإِنْ كَانَ عِوَضُهَا غَيْرَ الْمَالِ، مِثْلُ إرْضَاءِ زَوْجِهَا، أَوْ غَيْرِهِ عَنْهَا، جَازَ؛ فَإِنَّ عَائِشَةَ أَرْضَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَفِيَّةَ، وَأَخَذَتْ يَوْمَهَا، وَأَخْبَرَتْ بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يُنْكِرْهُ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 7  صفحه : 312
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست