responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 7  صفحه : 130
لَيْسَ هَذَا نَسْخًا، فَإِنَّ لَفْظَةَ الْمُشْرِكِينَ بِإِطْلَاقِهَا لَا تَتَنَاوَلُ أَهْلَ الْكِتَابِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ} [البينة: 1] . وَقَالَ {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [البينة: 6] . وَقَالَ {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة: 82] . وَقَالَ {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ} [البقرة: 105] .
وَسَائِرُ آيِ الْقُرْآنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لَفْظَةَ الْمُشْرِكِينَ بِإِطْلَاقِهَا غَيْرُ مُتَنَاوِلَةٍ لِأَهْلِ الْكِتَابِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَقَتَادَةَ، وَلِأَنَّ مَا احْتَجُّوا بِهِ عَامٌّ فِي كُلِّ كَافِرَةٍ، وَآيَتُنَا خَاصَّةٌ فِي حِلِّ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَالْخَاصُّ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً؛ لِأَنَّ عُمَرَ قَالَ لِلَّذِينَ تَزَوَّجُوا مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ: طَلِّقُوهُنَّ. فَطَلَّقُوهُنَّ إلَّا حُذَيْفَةَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: طَلِّقْهَا. قَالَ: تَشْهَدُ أَنَّهَا حَرَامٌ؟ قَالَ: هِيَ جَمْرَةٌ، طَلِّقْهَا. قَالَ: تَشْهَدُ أَنَّهَا حَرَامٌ؟ قَالَ: هِيَ جَمْرَةٌ. قَالَ: قَدْ عَلِمْت أَنَّهَا جَمْرَةٌ، وَلَكِنَّهَا لِي حَلَالٌ. فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ طَلَّقَهَا، فَقِيلَ لَهُ: أَلَا طَلَّقْتهَا حِينَ أَمَرَك عُمَرُ؟ قَالَ: كَرِهْت أَنْ يَرَى النَّاسُ أَنِّي رَكِبْت أَمْرًا لَا يَنْبَغِي لِي. وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا مَالَ إلَيْهَا قَلْبُهُ فَفَتَنَتْهُ، وَرُبَّمَا كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فَيَمِيلُ إلَيْهَا. (5387) فَصْلٌ: وَأَهْلُ الْكِتَابِ الَّذِينَ هَذَا حُكْمُهُمْ، هُمْ أَهْلُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} [الأنعام: 156] . فَأَهْلُ التَّوْرَاةِ الْيَهُودُ وَالسَّامِرَةُ، وَأَهْلُ الْإِنْجِيلِ النَّصَارَى، وَمَنْ وَافَقَهُمْ فِي أَصْلِ دِينِهِمْ مِنْ الْإِفْرِنْجِ وَالْأَرْمَنِ وَغَيْرِهِمْ.
وَأَمَّا الصَّابِئُونَ فَاخْتَلَفَ فِيهِمْ السَّلَفُ كَثِيرًا، فَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُمْ جِنْسٌ مِنْ النَّصَارَى. وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَعَلَّقَ الْقَوْلَ فِيهِمْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُمْ يَسْبِتُونَ. فَهَؤُلَاءِ إذَا يُشْبِهُونَ الْيَهُودَ. وَالصَّحِيحُ فِيهِمْ أَنَّهُمْ إنْ كَانُوا يُوَافِقُونَ النَّصَارَى أَوْ الْيَهُودَ فِي أَصِلْ دِينِهِمْ، وَيُخَالِفُونَهُمْ فِي فُرُوعِهِ، فَهُمْ مِمَّنْ وَافَقُوهُ، وَإِنْ خَالَفُوهُمْ فِي أَصِلْ الدِّينِ، فَلَيْسَ هُمْ مِنْهُمْ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا مَنْ سِوَى هَؤُلَاءِ مِنْ الْكُفَّارِ، مِثْلُ الْمُتَمَسِّكِ بِصُحُفِ إبْرَاهِيمَ، وَشِيثٍ وَزَبُورِ دَاوُد، فَلَيْسُوا بِأَهْلِ كِتَابٍ، وَلَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَلَا ذَبَائِحُهُمْ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِيهِمْ وَجْهًا آخَرَ، أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَتَحِلُّ ذَبَائِحُهُمْ، وَنِكَاحُ نِسَائِهِمْ، وَيُقِرُّونَ بِالْجِزْيَةِ؛ لِأَنَّهُمْ تَمَسَّكُوا بِكِتَابٍ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَشْبَهُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 7  صفحه : 130
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست