responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 6  صفحه : 469
كُنْت مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ أَعْطَيْتُك حَقَّك» .
وَالْمُرَادُ بِالصَّدَقَةِ هَا هُنَا الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ، دُونَ غَيْرِهَا مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ وَالْوَصَايَا. وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى غَيْرِ هَذِهِ الْأَصْنَافِ، إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، أَنَّهُمَا قَالَا: مَا أَعْطَيْت فِي الْجُسُورِ وَالطُّرُقِ، فَهِيَ صَدَقَةٌ مَاضِيَةٌ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ} [التوبة: 60] . وَ " إنَّمَا " لِلْحَصْرِ تُثْبِتُ الْمَذْكُورَ، وَتَنْفِي مَا عَدَاهُ؛ لِأَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ حَرْفَيْ نَفْيٍ وَإِثْبَاتٍ، فَجَرَى مَجْرَى قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [النساء: 171] .
أَيْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} [الرعد: 7] . أَيْ مَا أَنْتَ إلَّا نَذِيرٌ. وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ".

[مَسْأَلَةٌ الْفُقَرَاءُ وَهُمْ الزَّمْنَى وَالْمَكَافِيفُ الَّذِينَ لَا حِرْفَةَ لَهُمْ]
(5097) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (الْفُقَرَاءُ، وَهُمْ الزَّمْنَى، وَالْمَكَافِيفُ الَّذِينَ لَا حِرْفَةَ لَهُمْ، وَالْحِرْفَةُ الصِّنَاعَةُ، وَلَا يَمْلِكُونَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا، وَلَا قِيمَتَهَا مِنْ الذَّهَبِ. وَالْمَسَاكِينُ، وَهُمْ السُّؤَّالُ، وَغَيْرُ السُّؤَّالِ، وَمَنْ لَهُمْ الْحِرْفَةُ، إلَّا أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا، وَلَا قِيمَتَهَا مِنْ الذَّهَبِ) الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ صِنْفَانِ فِي الزَّكَاةِ، وَصِنْفٌ وَاحِدٌ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ؛
لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الِاسْمَيْنِ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِمَا، فَأَمَّا إذَا جُمِعَ بَيْنَ الِاسْمَيْنِ، وَمُيِّزَ بَيْنَ الْمُسَمَّيَيْنِ تَمَيَّزَا، وَكِلَاهُمَا يُشْعِرُ بِالْحَاجَةِ وَالْفَاقَةِ وَعَدَمِ الْغِنَى، إلَّا أَنَّ الْفَقِيرَ أَشَدُّ حَاجَةً مِنْ الْمِسْكِينِ، مِنْ قِبَلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَدَأَ بِهِ، وَإِنَّمَا يَبْدَأُ بِالْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَالْأَصْمَعِيُّ. وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى أَنَّ الْمِسْكِينَ أَشَدُّ حَاجَةً. وَبِهِ قَالَ الْفَرَّاءُ، وَثَعْلَبٌ، وَابْنُ قُتَيْبَةَ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 16] . وَهُوَ الْمَطْرُوحُ عَلَى التُّرَابِ لِشِدَّةِ حَاجَتِهِ، وَأَنْشَدُوا:
أَمَّا الْفَقِيرُ الَّذِي كَانَتْ حَلُوبَتُهُ ... وَفْقَ الْعِيَالِ فَلَمْ يُتْرَكْ لَهُ سَبَدُ
فَأَخْبَرَ أَنَّ الْفَقِيرَ حَلُوبَتُهُ وَفْقَ عِيَالِهِ.
وَلَنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَدَأَ بِالْفُقَرَاءِ، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ أَهَمُّ، وَقَالَ تَعَالَى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} [الكهف: 79] . فَأَخْبَرَ أَنَّ الْمَسَاكِينَ لَهُمْ سَفِينَةٌ يَعْمَلُونَ بِهَا. وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا، وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ. وَكَانَ يَسْتَعِيذُ مِنْ الْفَقْرِ»

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 6  صفحه : 469
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست