responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 67
وَأَمَّا الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ الْمَحْضَةُ، كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالطَّهَارَةِ مِنْ الْحَدَثِ، فَلَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِبَدَنِ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ، فَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِيهَا، إلَّا أَنَّ الصِّيَامَ الْمَنْذُورَ يُفْعَلُ عَنْ الْمَيِّتِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِتَوْكِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْ فِي ذَلِكَ، وَلَا وَكَّلَ فِيهِ غَيْرُهُ. وَلَا يَجُوزُ فِي الصَّلَاةِ إلَّا فِي رَكْعَتِي الطَّوَافِ تَبَعًا لِلْحَجِّ. وَفِي فِعْلِ الصَّلَاةِ الْمَنْذُورَةِ، وَفِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ عَنْ الْمَيِّتِ رِوَايَتَانِ.
وَلَا تَجُوزُ الِاسْتِنَابَةُ فِي الطَّهَارَةِ، إلَّا فِي صَبِّ الْمَاءِ، وَإِيصَالِ الْمَاءِ لِلْأَعْضَاءِ، وَفِي تَطْهِيرِ النَّجَاسَةِ عَنْ الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَغَيْرِهِمَا.

[فَصْلٌ كُلُّ مَا جَازَ التَّوْكِيلُ فِيهِ جَازَ اسْتِيفَاؤُهُ فِي حَضْرَةِ الْمُوَكَّلِ وَغَيْبَتِهِ]
(3742) فَصْلٌ: وَكُلُّ مَا جَازَ التَّوْكِيلُ فِيهِ، جَازَ اسْتِيفَاؤُهُ فِي حَضْرَةِ الْمُوَكَّلِ وَغَيْبَتِهِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا يَجُوزُ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ. أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَعْفُوَ الْمُوَكَّلُ فِي حَالَةِ غَيْبَتِهِ، فَيَسْقُطَ؛ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ شُبْهَةٌ تَمْنَعُ الِاسْتِيفَاءَ. وَلِأَنَّ الْعَفْوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، فَإِذَا حَضَرَ، احْتَمَلَ أَنْ يَرْحَمَهُ فَيَعْفُوَ.
وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ مَا جَازَ اسْتِيفَاؤُهُ فِي حَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ، جَازَ فِي غَيْبَتِهِ، كَالْحُدُودِ وَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَاحْتِمَالُ الْعَفْوِ بَعِيدٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ عَفَا لَبَعَثَ وَأَعْلَمَ وَكِيلَهُ بِعَفْوِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، فَلَا يُؤَثِّرُ، أَلَا تَرَى أَنَّ قُضَاةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا يَحْكُمُونَ فِي الْبِلَادِ، وَيُقِيمُونَ الْحُدُودَ الَّتِي تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، مَعَ احْتِمَالِ النَّسْخِ؟ وَكَذَلِكَ لَا يُحْتَاطُ فِي اسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ بِإِحْضَارِ الشُّهُودِ، مَعَ احْتِمَالِ رُجُوعِهِمْ عَنْ الشَّهَادَةِ، أَوْ تَغَيُّرِ اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ.

[فَصْلٌ لَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ إلَّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ]
(3743) فَصْلٌ: وَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ إلَّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَافْتَقَرَ إلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، كَالْبَيْعِ. وَيَجُوزُ الْإِيجَابُ بِكُلِّ لَفْظٍ دَلَّ عَلَى الْإِذْنِ، نَحْوُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِفِعْلِ شَيْءٍ، أَوْ يَقُولَ: أَذِنْت لَك فِي فِعْلِهِ «. فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَّلَ عُرْوَةَ بْنَ الْجَعْدِ فِي شِرَاءِ شَاةٍ» بِلَفْظِ الشِّرَاءِ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى، مُخْبِرًا عَنْ أَهْلِ الْكَهْفِ أَنَّهُمْ قَالُوا: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ} [الكهف: 19] .
وَلِأَنَّهُ لَفْظٌ دَالٌ عَلَى الْإِذْنِ، فَجَرَى مَجْرَى قَوْلِهِ: وَكَّلْتُك. وَيَجُوزُ الْقَبُولُ بِقَوْلِهِ: قَبِلْت. وَكُلِّ لَفْظٍ دَلَّ عَلَيْهِ. وَيَجُوزُ بِكُلِّ فِعْلٍ دَلَّ عَلَى الْقَبُولِ، نَحْوِ أَنْ يَفْعَلَ مَا أَمَرَهُ بِفِعْلِهِ؛ لِأَنَّ الَّذِينَ وَكَّلَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ سِوَى امْتِثَالِ أَمْرِهِ. وَلِأَنَّهُ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ، فَجَازَ الْقَبُولُ فِيهِ بِالْفِعْلِ، كَأَكْلِ الطَّعَامِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 67
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست