responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 300
أَجْلَاهُمْ مِنْ الْأَرْضِ وَأَخْرَجَهُمْ مِنْ خَيْبَرَ، وَلَوْ كَانَتْ لَهُمْ مُدَّةٌ مُقَدَّرَةٌ، لَمْ يَجُزْ إخْرَاجُهُمْ مِنْهَا. وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى جُزْءٍ مِنْ نَمَاءِ الْمَالِ، فَكَانَ جَائِزًا، كَالْمُضَارَبَةِ، أَوْ عَقْدٌ عَلَى الْمَالِ بِجُزْءٍ مِنْ نَمَائِهِ، أَشْبَهَ الْمُضَارَبَةَ، وَفَارَقَ الْإِجَارَةَ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ، فَكَانَتْ لَازِمَةً، كَبَيْعِ الْأَعْيَانِ، وَلِأَنَّ عِوَضَهَا مُقَدَّرٌ مَعْلُومٌ، فَأَشْبَهَتْ الْبَيْعَ. وَقِيَاسُهُمْ يَنْتَقِضُ بِالْمُضَارَبَةِ، وَهِيَ أَشْبَهُ بِالْمُسَاقَاةِ مِنْ الْإِجَارَةِ، فَقِيَاسُهَا عَلَيْهَا أَوْلَى
وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ يُفْضِي إلَى أَنَّ رَبَّ الْمَالِ يَفْسَخُ بَعْدَ إدْرَاكِ الثَّمَرَةِ. قُلْنَا: إذَا ظَهَرَتْ الثَّمَرَةُ، فَهِيَ تَظْهَرُ عَلَى مِلْكِهِمَا، فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الْعَامِلِ مِنْهَا بِفَسْخٍ وَلَا غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ فَسَخَ الْمُضَارَبَةَ بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ. فَعَلَى هَذَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى ضَرْبِ مُدَّةٍ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَضْرِبْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا خُلَفَاؤُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، لِأَهْلِ خَيْبَرَ مُدَّةً مَعْلُومَةً حِينَ عَامَلُوهُمْ. وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ، فَلَمْ يَفْتَقِرْ إلَى ضَرْبِ مُدَّةٍ كَالْمُضَارَبَةِ، وَسَائِرِ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ. وَمَتَى فَسَخَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ، فَهِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ، وَعَلَى الْعَامِلِ تَمَامُ الْعَمَلِ، كَمَا يَلْزَمُ الْمُضَارِبَ بَيْعُ الْعُرُوضِ إذَا فُسِخَتْ الْمُضَارَبَةُ بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ، وَإِنْ فَسَخَ الْعَامِلُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ، فَصَارَ كَعَامِلِ الْمُضَارَبَةِ إذَا فَسَخَ قَبْلَ ظُهُورِ الرِّبْحِ، وَعَامِلِ الْجَعَالَةِ إذَا فَسَخَ قَبْلَ إتْمَامِ عَمَلِهِ
وَإِنْ فَسَخَ رَبُّ الْمَالِ قَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ، فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَهُ إتْمَامَ عَمَلِهِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ بِهِ الْعِوَضَ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ فَسَخَ الْجَاعِلُ قَبْلَ إتْمَامِ عَمَلِ الْجَعَالَةِ. وَفَارَقَ رَبَّ الْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ إذَا فَسَخَهَا قَبْلَ ظُهُورِ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّ عَمَلَ هَذَا مُفْضٍ إلَى ظُهُورِ الثَّمَرَةِ غَالِبًا، فَلَوْلَا الْفَسْخُ لَظَهَرَتْ الثَّمَرَةُ، فَمَلَكَ نَصِيبَهُ مِنْهَا، وَقَدْ قَطَعَ ذَلِكَ بِفَسْخِهِ، فَأَشْبَهَ فَسْخَ الْجَعَالَة، بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُعْلَمُ إفْضَاؤُهَا إلَى الرِّبْحِ، وَلِأَنَّ الثَّمَرَةَ إذَا ظَهَرَتْ فِي الشَّجَرِ، كَانَ الْعَمَلُ عَلَيْهَا فِي الِابْتِدَاءِ مِنْ أَسْبَابِ ظُهُورِهَا، وَالرِّبْحُ إذَا ظَهَرَ فِي الْمُضَارَبَةِ قَدْ لَا يَكُونُ لِلْعَمَلِ الْأَوَّلِ فِيهِ أَثَرٌ أَصْلًا. فَأَمَّا إنْ قُلْنَا: إنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ. فَلَا يَصِحُّ إلَّا عَلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: تَصِحُّ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مُدَّةٍ، وَيَقَعُ عَلَى سَنَةٍ وَاحِدَةٍ. وَأَجَازَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْكُوفَةِ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ لَهُ جُزْءًا مِنْ الثَّمَرَةِ، كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مُدَّةً تَحْصُلُ الثَّمَرَةُ فِيهَا. وَلَنَا أَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ، فَوَجَبَ تَقْدِيرُهُ بِمُدَّةٍ، كَالْإِجَارَةِ، وَلِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ أَشْبَهُ بِالْإِجَارَةِ، لِأَنَّهَا تَقْتَضِي الْعَمَلَ عَلَى الْعَيْنِ مَعَ بَقَائِهَا، وَلِأَنَّهَا إذَا وَقَعَتْ مُطْلَقَةً، لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهَا عَلَى إطْلَاقِهَا مَعَ لُزُومِهَا؛ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى أَنَّ الْعَامِلَ يَسْتَبِدُّ بِالشَّجَرِ كُلَّ مُدَّتِهِ، فَيَصِيرُ كَالْمَالِكِ، وَلَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُهُ بِالسَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ تَحَكُّمٌ، وَقَدْ تَكْمُلُ الثَّمَرَةُ فِي أَقَلَّ مِنْ السَّنَةِ،

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 300
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست